السؤال:
الأخ الفاضل الله يوفقه، يسأل:
هل ورد أثار صحيح عن الصحابة في المسح على الجوربين أم لا؟
الجواب صوتياً:
الجواب:
مسئلة المسح على الجوربين هذه مسئلة لطيفة جدا، جدا جدا.
فيها لطافة تتعلق بالتيسير بالمذهب الحنبلي.
لها علاقة بقصة أهل الرأي والقياس في بعض الأوجه.
لها علاقة بمنهج المتقدمين ومنهج المتأخرين بالحديث.
إلى غير ذلك.
السائل يسأل عن الأثار عن الصحابة والتابعين، يبدو انه قد استقر عنده أنه لا يصح حديث بالباب.
هناك حديث المغيرة بن شعبة مسح على الخفين والجوربين.
هل هذا الحديث الوحيد بالمسئلة؟
مصدر ما بين الأقواس:
سنن الترمذي: 99 | 1: باب الطهارة | 74: باب في المسح على الجوربين والنعلين | ص35 | ط-دار المعارف | ت-الألباني
هناك حديث آخر، الحديث الذي في (سنن أبي داود)¹ و(مسند أحمد)²، من حديث ثور بن يزيد عن راشد بن سعد، عن ثوبان، لما ذكر أن النبي ﷺ أمرهُ على العصائب والتساخين، التساخين هو كل ما تسخن به القدم.
وبهذا استدل من يقولون بالمسح على الجوربين.
مصدر ما بين الأقواس:
1: سنن أبي داود: 146
2: مسند أحمد: 22383
لكن عدد من الناس قالوا أن هذا الحديث ضعيف.
ليه؟
لأن برواية راشد بن سعد عن ثوبان، وراشد بن سعد لم يسمع من ثوبان كما قال أحمد بن حنبل وأبو حاتم وغيرهم
وردوا على اللي صححوا الحديث، طيب.
طيب هذا الحديث مخرج في سنن أبي داود والإمام أحمد رواه، ورواه عنه أبو داود وراه عنه (الأثرمي) أيضا.
مصدر ما بين الأقواس:
سنن أبي بكر الأثرم: 15
طيب لماذا رواه أحمد ما دام الحديث ضعيف والحكم اللي فيه، فيه نظر؟
في الواقع هذا يبين لك فارق جوهري بين منهج المتقدمين فعلاً، ومنهج بعض الشباب اللي يزعمون أنهم على منهج المتقدمين وما هم على منهج المتقدمين.
الضعف اللي في هذا الإسناد، ضعف يسير ولا شديد؟.
صاحب الشيخ: يسير.
إنقطاع بين تابعي وصحابي صح؟
وأكثر الإنقطاعات بهذه الأسانيد بهذه الطبقة التابعين والصحابة.
طيب متن هذا الحديث، هل هو متن منكر تخالفه الأثار ولا الأثار تعضده؟.
صاحب الشيخ: تعضده.
هل هو متن يخالف القياس ولا القياس يعضده؟
هذا النظر.
أما من ناحية الأثار فهنا نبدأ بجواب أخينا.
ذكر ابن المنذر انه روي عن تسعة من الصحابة، الأثار في المسح على الجوربين.
وتكلم عليها في تحقيق صحتها ودفع الإعتراضات عنها، صاحب كتاب: ليس دفاعاً عن الألباني فحسب بل دفاعا عن السلفية، عمرو عبد المنعم سليم.
عشان الناس يحبون المعاصرين.
واعترف من الشافعية، والشافعية لا يرون مسح الجوربين، واعترف بصحتها من الشافعية، وأدعم بذلك (النووي في المجموع)، طيب.
مصدر ما بين الأقواس:
المجموع شرح المذهب [ج1/ص408]
وكان يفتي بها الإمام أحمد رحمه الله، وجد الأثار مع عضد ظاهر الحديث، وإن كان بعضهم حمل التساخين على الخفين مو على الجوربين، عندنا خفين وعندنا جوربين، الخفين تكون من الجلد وتكون سميك، والجوربين يكون من عدة أمور وأحيانا تكون من جلد ولك يكون جلدا خفيفا.
فهذا الاثر عنده يعضد القياس.
هذه الأثار عضد، وأيضا المسح على العمائم، والعمائم عندنا بالمذهب يشترط أن تكون مُحنكةً، أو ذات ذؤابة.
أما العمائم الموجودة الأن عند الروافض، هذه يسمونها عِمة الشيطان، في الروايات عندهم أو عندنا عِمة الشيطان، هذه العمائم عى عمائم الأعاجم وهذه تُنزع بسهولة لهذا لا يمسح عليها، عندنا في المذهب لا يمسح عليها.
فأحمد متسق في مذهبه يرى قياسا جواز المسح على العمائم والمسح على الجوربين.
أهل الرأي اللي هما معروفين انه يعضدون القياس جدا، وأنهم يرون أن خبر الواحد إذا خالف الأصول لا يقبل.
يرون المسح على الجوربين، عدد منهم (يعني مروي هذا عن إمامهم) وإن كان هناك من يخالف، ولا يرون المسح على العمامة.لا
وفرقوا تفريقات دقيقة لذلك ابن أبي شيبة في كتاب الرد على أبو حنيفة في مصنف ابن أبي شيبة أورد الأثار والأحاديث في المسح على العمامة، فرد عليه الكوثري في النكت الطريفة وقال له:
“ترا مالك والشافعي معانا”.
مالك والشافعي لا يرون المسح على العمامة، لا يرون المسئلة لا على العمامة ولا على الجوربين.
مصدر ما بين الأقواس:
” سمعت صالح بن محمد الترمذي، قال: سمعت أبا مقاتل السمرقندي يقول: دخلت على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه، فدعا بماء فتوضأ، وعليه جوربان، فمسح عليهما، ثم قال: فعلت اليوم شيئا لم أكن أفعله؛ مسحت على الجوربين؛ وهما غير منعلين”.
— سنن الترمذي: 99 | 1: باب الطهارة | 74: باب في المسح على الجوربين والنعلين | ص35 | ط-دار المعارف | ت-الألباني
وأحمد اضطرب في قياسه فرأى المسح عليها كلها، وورد عن بعض أمهات المؤمنين حتى المسح على الخمار.
طيب انتم جماعة القياس على أي أساس فرقتوا، خصوصا أن الصحابة اللي روي عنهم المسح على العمائم وعلى الجوربين، الصحابة اللي بالكوفة.بالعراق، علي وعمار وأبو موسى.
هذا والأن أنهينا الجزء الأول من الجواب على السؤال.
وهنا المذهب الحنبلي هو أيسر المذاهب في المسئلة، يرى المسح على الخفين، على الجوربين، على العمامة.
لكنا هنا اشكال، عندنا في المذهب لا يجوز المسح على الجورب الرقيق، وإنما يمسح على الجورب الصفيق.
فهنا صار اشكال عند كثير من الناس صاروا يقولون: المذهب الحنبلي لا يجيز المسح على هذه الجوارب التي نمشي عليها.
ليش؟
-لأن هذه الجوارب لا يمشي فيها ولا يمكننا المشي فيها، والإمام أحمد قال الجورب الذي يمشى فيه.
أحمد رحمة الله عليه لم يكن يتكلم على المشي المطلق في مثل حالنا اليوم، نحن اليوم لا نمشي لا في الجوارب ولا في الخفاف أصلا، الشوارع لم تعد لهذا.
لكن لو ذهب إلى الصحراء، هذان الجوربان الذان يغطيان محل الفرض اللي هى الكعبين، ستمشي فيها.
لذلك الإمام أحمد قال: يمشي فيها ويبيت فيها.
طيب هل فيه جوارب لا يمشى فيها؟
نعم هناك جوارب لا تغطي محل الفرض اللي هى الكعبين، هذه ممكن بعض الناس يلبسها لينام فيها فقط، هى تكون مثل النعل، أو يثبتها بنعل، فلا يستطيع أن يمشي فيها أي مشي ولو بسيط.
أم هذه لا يمشي فيها أيضا
فالصواب جواز المسح على هذه الجوارب
وشدة الحاجة تدعو إلى ذلك، وهذا ما يتسق مع مقاصد الشريعة
شفت شلون الحنابلة مذاهبهم لطيفة وظريفة ومتسقة مع الأثر والقياس.