سخافة أطروحات العالمانية الملتحية

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

بلغني عن بعض المثقفين ممن يمثلون تيار ( العالمانية الملتحية ) وهو مقيم في بعض البلدان الخليجية وأصوله افريقية أنه ألقى محاضرة عن الحنابلة

وجاء بعجائب غير أن أعجب ما ذكره مما يوحي أنه لا دراية عنده عما يتحدث عنه وإن كان جلس على كرسي ونصبت له ( الميكروفانات ) وجلس أمامه الجمهور من المثقفين ! ونصبت الكاميرات

لتلقط صور المثقف الفذ وهو يعري التيارات المتطرفة ويبين امتداداتها التاريخية من خلال قراءاته العميقة !

ذلك العجب الذي أشرت إليه أنه ادعى أن الإمام أحمد أباح لأهل العراق نكاح المتعة فأنكر عليه بعض تلاميذه فرد عليه أحمد واتهمه بنقص العقل ويعلق على ذلك أن الإمام أحمد عنده مرونة

لا توجد عند المتطرفين من أتباعه

بهذا المستوى يتصدى صاحبنا للحديث عن مذهب عمره أكثر من ألف سنة

في الواقع الرواية المشار إليها في متعة الحج ! وهي أن يعتمر الإنسان ثم يحل ثم في يوم الثامن من ذي الحجة يهل بالحج وقد كان كثير من أهل السنة يظنون أن هذا لا يجوز وأنه مثل متعة النكاح

انفرد بها الرافضة

قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى [26/ 54] :
” ولهذا لما قال سلمة بن شبيب لأحمد يا أبا عبدالله قويت قلوب الرافضة لما أفتيت أهل خراسان بالمتعة _ يعني متعة الحج _ فقال يا سلمة كان يبلغني عنك أنك أحمق و كنت أدافع عنك و الآن فقد تبين لي أنك أحمق عندي أحد عشر حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أدعها لقولك”

فهل يوجد أحد عشر حديثاً صحيحاً في متعة النكاح ! وواضح أن أحمد كان يفتي بهذا كل الناس لا أهل بلد معين فقط مداهنة للرافضة كما يدعي المعترض

قال الشيخ في منهاج السنة [4/ 151] :
” وأما الطريق الثاني في الجواب فنقول الذي عليه أئمة الإسلام أن ما كان مشروعا لم يترك لمجرد فعل أهل البدع لا الرافضة ولا غيرهم وأصول الأئمة كلهم توافق هذا منها مسألة التسطيح الذي ذكرها .
فإن مذهب أبي حنيفة واحمد بن حنبل تسنيم القبور أفضل كما ثبت في الصحيح أن قبر النبي صلى الله عليه و سلم كان مسنما ولأن ذلك أبعد عن مشابهة أبنية الدنيا وأمنع عن القعود على القبور
والشافعي يستحب التسطيح لما روى من الأمر بتسوية القبور فرأى أن التسوية هي التسطيح ثم إن بعض أصحابه قال إن هذا شعار الرافضة فيكره ذلك فخالفه جمهور الأصحاب وقالوا بل هو المستحب وإن فعلته الرافضة .

ثم ذكر أمثلة عديدة حتى قال :

وكذلك أحمد بن حنبل يستحب المتعة متعة الحج ويأمر بها حتى يستحب هو وغيره من الأئمة أئمة أهل الحديث لم أحرم مفردا أو قارنا أن يفسح ذلك إلى العمرة ويصير متمتعا لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك .
حتى قال سلمة بن شبيب للإمام أحمد يا أبا عبد الله قويت قلوب الرافضة لما أفتيت أهل خراسات بالمتعة .
فقال يا سلمة كان يبلغن عنك أنك أحمق وكنت أدفع عنك والان فقد ثبت عندي أنك أحمق .
عندي أحد عشر حديثا صحاحا عن النبي صلى الله عليه و سلم أتركها لقولك”

وهذه الرواية التي يذكرها ابن تيمية بالمعنى وإليك الرواية الأوضح والتي ذكرها الشيخ نفسه في شرح العمدة والتي تبين المراد بوضوح

وقال سلمة لأبي عبد اللَّه: كل أمرك عندي حسن إلا خلة واحدة.
قال: وما هي؟
قال: تقول بفسخ الحج إلى العمرة.

فقال: يا سلمة، كنت أرى لك عقلًا، عندي في ذلك أحد عشر حديثًا صحاحًا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أتركها لقولك؟ !
“شرح العمدة” 1/ 523 – 183، “المبدع” 3/ 127 وفي التعليقة الكبيرة لأبي يعلى الرواية بالإسناد بذكر الحج فيقول : متعة الحج

ومشاكل هؤلاء ( المثقفين ) وأخطاءهم في قراءة التراث والتاريخ كثيرة جداً وإذا كان عامة كلامهم في الاقتصاد والسياسة مما يفترض بهم إتقانه متخبط ولا يجري على أصول أحد وفيه من الأحلام الطفولية ما فيه

فما بالك بكلامهم في دقائق علوم الشريعة ، غير أننا معاشر الحنابلة نشعر بغبطة إذا رأينا من عنده مشكلة مع إجماعات الأمة في مسائل كثيرة مثل الرجم وغيره يخصنا بالذم والهجاء فهذا نوع تزكية أننا الأكثر تمثيلاً للمعنى الذي يمقتون من بين المذاهب

كما أنك لو سمعت ملحداً يقول الإسلام هو الأخطر بين الأديان تشعر بغبطة وتعتبرها تزكية