التوحيد قوة نفسية

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أبو داود في سننه: “1525- حدثنا مسدد، حدثنا عبد الله بن داود، عن عبد العزيز بن عمر، عن هلال، عن عمر بن عبد العزيز، عن ابن جعفر، عن أسماء بنت عميس، قالت: قال لي رسول الله ﷺ: «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب -أو في الكرب-؟ الله الله ربي لا أشرك به شيئا»، قال أبو داود: «هذا هلال مولى عمر بن عبد العزيز، وابن جعفر هو عبد الله بن جعفر»”.

وهو في مسند أحمد وسنن ابن ماجه و«عمل اليوم والليلة» للنسائي.

تفكرت في هذا الحديث وما علاقة تذكر التوحيد بقولك «الله ربي لا أشرك به شيئاً» بزوال الكرب؟

فبدا لي أن ذلك معكوس الحال المذكور في سورة الجن {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا} [الجن: ٦].

فسرها بعض السلف بأن الجن زادوا الإنس خوفاً وفرقاً، وثمة تفسيرات أخرى.

فمعكوس هذا أن التوحيد يزيد المرء قوةً وثباتاً، لأن توحيدك لله عز وجل يقتضي إيمانك بأنه على كل شيء قدير، وأن مع العسر يسراً، وأنه يغير من حال إلى حال، وأنه يثيب على الصبر على المصيبة، وعلى الشكر في الرخاء، وأنه يعاقب الأحوال على أهل الإيمان، ابتلاءً وتثبيتاً واستخراجاً لمختلف أنواع العبودية؛ عبودية الصبر وعبودية الشكر.

وهذه من استحضرها اطمأنت نفسه وقوي على مواجهة البلاء، وكلما كان المرء أصلب كان تأثير البلاء فيه أضعف، وفي الحديث: «ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا».

وقد حُرم هذا كله من تعلق قلبه بغير الله، خصوصاً أولئك الذين إذا مرض لهم مريض أو لحقت بهم ملمة ذهبوا إلى الأضرحة والقبور وسألوا أهلها وهجروا هذا المروي في السنة.

ومنهم من يتكل على الأسباب الحسية فحسب، ويهمل الدعاء والذكر.

ومنهم من يقبل على العلاجات النفسية، ويهمل تصحيح الاعتقاد والإقبال على الوحي والذكر، والله المستعان.