التعليق على التجهم الذي في منهج الثانوية العامة بمصر

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

هذا بمنهج الثانوية العامة بمصر، ليس الأزهر وإنما المنهج العام.

واصل بن عطاء هو من ينسب له تأسيس المعتزلة، والخطبة فيها تجهم ما أدركه واصل نفسه.

التجهم رحم بين أهله.

وإلا ما الفائدة من وضع خطب منسوبة لشيخ المعتزلة في منهاج لعموم المسلمين؟

ولا يغرك ذلك التنزيه عن الزمان والمكان، فإنهم يعنون بالتنزيه عن الزمان نفي الأفعال الاختيارية لله عز وجل.

فيقولون إنك إن أثبت أنه يفعل ما شاء متى شاء فقد قيدته بزمن! وهذا كقول الملحد إن أثبت له علماً وقدرة فقد قيدته بها.

وجوابه أن يقال إن هذه هي صفاته وهي من ذاته سبحانه، وما لا صفات له لا وجود له، ولا يقال: مقيد بصفاته.

وكذلك الكلام عن المكان، يريدون نفي علوه على خلقه والقول بأنه إما لا داخل العالم ولا خارجه وتلك صفة العدم، أو موجود بكل مكان حتى جعلوه في الأماكن النجسة والقذرة تعالى الله.

قال الدارمي في الرد على المريسي: “وادعى المعارض أيضا أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية. وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم ضلالاته واشتق منها أغلوطاته، وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهما إليها أحد من العالمين.

فقال له قائل ممن يحاوره: قد علمت مرادك بها أيها الأعجمي، وتعني أن الله لا شيء، [لأن الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد وغاية وصفة]، وأن لا شيء ليس له حد ولا غاية ولا صفة، فالشيء أبدا موصوف لا محالة ولا شيء يوصف بلا حد ولا غاية وقولك: لا حد له يعني أنه لا شيء.

قال أبو سعيد: والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره، ولا يجوز
لأحد أن يتوهم لحده في نفسه، ولكن يؤمن بالحد ويكل علم ذلك إلى الله ولمكانه أيضا حد وهو على عرشه فوق سماواته فهذان حدان اثنان.

وسئل ابن المبارك: “بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه على العرش، بائن من خلقه. قيل: بحد؟ قال: بحد”

حدثناه الحسن بن الصالح البزار١، عن علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، فمن ادعى أنه ليس لله حد فقد رد القرآن، وادعى أنه لا شيء؛ لأن الله حد مكانه في مواضع كثيرة من كتابه فقال: {الرحمن على العرش استوى} {أأمنتم من في السماء}، {يخافون ربهم من فوقهم}، {إني متوفيك ورافعك إلي} {إليه يصعد الكلم الطيب} فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل على الحد”.