هذا هو شيخ الشافعية بالأزهر عبد العزيز الشهاوي، ينسب للإمام الشافعي مدح الصوفية، وأن الفقيه الذي ليس متصوفاً هو قاسي القلب.
ولم أجد هذين البيتين إلا في الديوان المنسوب للشافعي، بتحقيق محمد عبد المنعم خفاجي، وكتاب «مجمع الحكم والأمثال» لأحمد قبش.
ولا يصحان عن الشافعي البتة ولا سبكتها تشبه سبكة شعر المتقدمين.
وعادة الأزهريين أنهم يخلطون بين مطلق التصوف والذي قد يراد به الزهد والتعبد فحسب في الأزمنة المتقدمة، وبين أحوال الصوفية اليوم التي اختلطت بالفلسفة الباطنية والقبورية والدروشة والبدع والمحدثات.
قال ابن الحاج المالكي في «المدخل» وهو يتكلم عن رقص الصوفية وغنائهم: “وهذه الطائفة مخالفة لجماعة المسلمين؛ لأنهم جعلوا الغناء دينا، وطاعة، ورأت إعلانه في المساجد، والجوامع، وقد كان أولى الناس بالاحتياط لدينهم هذه الطائفة فإنهم متلبسون بالدين، ومدعون الورع والزهد حتى توافق بواطنهم ظواهرهم”.
وجاء في «التاج والإكليل على مختصر الخليل» لابن المواق: “قوله: “أكره الإجارة على تعليم الشعر والنوح” كذا هو ومعناه نوح المتصوفة وأناشيدهم على طريق النوح والبكاء المسمى بالتعفير والمعازف عيدان الغناء لا يجوز ضربها ولا استئجارها وهي من أنواع البرابط والعيدان”.
وفي كتاب «المعيار المعرب» للونشريسي المتوفى عام ٨١١ [١١/٤٢]: “أن هذه الطائفة المنتمية للتصوف في هذا الزمان وفي هذه الأقطار، قد عظُم الضرر بهم في الدين، وفشَت مفسدتهم في بلاد المسلمين” إلى أن قال: “وبالجملة فهم قوم استخلفهم الشيطان على حل عرى الإسلام وهدم قواعده”.
قال أحمد الغماري الصوفي الشاذلي في كتابه «الأجوبة الصارفة» ص٦١: “وأما من قال المراد بهم الصوفية (يعني الطائفة المنصورة) فقوله باطل من جهة، وإن كان حقا من جهة أخرى لأن لفظ الصوفية على الحقيقة، والصوفية المتشبهة بهم والكذابين المدعين، بل الزنادقة الملحدين الذين بتصوفهم الكاذب مرقوا من كل الأديان، وحتى من الإنسانية وصاروا حيوانات لا دينية، وما كان كذلك فلا يصح أن يريدهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويخبر أنهم لا يزالون على الحق إلى قيام الساعة، وفيهم الزنادقة والملاحدة والكذابون الذين ليس منهم في الواقع، مع عدم وجود ما يميزهم ويفرق بين أهل الصدق وأهل الكذب منهم”.
ومن المعلوم أن مشاهير المجتهدين لا ينطبق عليهم وصف التصوف، فما تجرأ القوم على أن يُدخلوا فيهم إلا أمثال الحسن والثوري وأحمد، وأما البقية فذكرهم في الصوفية مماحكة.
قال الضراب في «ذم الرياء»: “69 – ثنا الحسن بن رشيق قال: ثنا الحسين بن الضحاك قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول: لو أن رجلا عاقلا تصوف أول النهار، لم يأت عليه الظهر حتى يصير أحمق”.
هذا المحفوظ عن الشافعي، ذم الصوفية وذم تغبيرهم، وقد حاول بعض الصوفية المتأخرين تأويل كلامه، لكنه ظاهر في الذم ورميهم بالحمق.
ثم إن جعل الفقيه لا يكون سليم القلب إلا إذا تصوف باطل، وأهل الحديث ما زالوا يكتبون أخبار الجنة والنار، حتى ختم مالك موطأه بذكر النار، ويكتبون المواعظ ويقرؤون القرآن ويرققون قلوبهم بذلك، ولا يدخلون في تعمقات الصوفية.