فائدة: الدليل على كراهة الكلام أثناء مضغ الطعام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البدر الغزي في كتابه «آداب المواكلة»: “الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى. هذه جملة من العيوب التي من علمها كان خبيراً بآداب المؤاكلة، وعدتها أحد وثمانون عيباً حسبما نقلناه مفرقاً، والله الموفق، وهي”.

ثم أخذ يسردها، وذكر منها في صـ22: “والمبعبع: هو الذي إذا أراد الكلام لم يصبر إلى أن يبلع اللقمة؛ لكنه يتكلم في حال المضغ فيبعبع كالجمل، ولا يكاد يتفسر كلامه، وخصوصاً مع كبر اللقمة”.

أقول: استند هنا إلى الذوق والعرف في استقباح هذا، ولكن هل يمكن أن يستفاد ذلك من دليل شرعي ولو على سبيل الكراهة التنزيهية؟

الجواب: قال ابن طولون في «فض الخواتم فيما قيل في الولائم» صـ15: “وأن يضم شفتيه عند الأكل لمعنيين، أحدهما: أنه يأمن ما يتطاير من البصاق حال المضغ، وقد يقع ذلك في الطعام فيورث القنافة. الثاني: أنه إذا ضم شفتيه لفمه تَرَقّق”.

القنافة يقصد بها التقرف.

والبعبعة وهي الكلام أثناء مضغ الطعام يورث القنافة من باب أولى، أكثر من فتح الفم أثناء الأكل، وقد يسبب تطاير البصاق على الطعام.

وقد ورد في السنة عن النبي ﷺ النهي عن عدة أمور فسروها بأنها نُهي عنها لأنها تُقذِّر الطعام على الآكلين.

من ذلك النهي عن اختناث الأسقية (يعني الشرب من في السقاء مباشرة)، ومن ذلك النهي عن النفخ في الطعام، والتنفس في الإناء.

فيشرك كل ما يورث القنافة والتقرف في الكراهة، فكل ما كان كذلك كُرِه، ومنه البعبعة، والله أعلم.