إبطال استدلال الشيعة بحديث «من كنت مولاه فعلي مولاه»

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قاعدة أصولية يقررها علماء الإمامية تبطل استدلالهم بحديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه»…

ذِكر بعض أفراد العام لا ينافي العموم، على سبيل المثال: النبي ﷺ لما تكلم عن محظورات الإحرام قال: «ولا تَلبَسُوا من الثياب شيئاً مسَّه زعفرانُ، ولا ورْسُ».

فهنا ذكر نوعين من الطيب ولم يذكر المسك ولا غيره من الطيب.

ونجده ﷺ في حديث آخر يقول في المحرم الذي أوقَصَته ناقته: «ولا تُمِسُّوه طِيباً، فإنه يُبعث يوم القيامة ملبِّياً».

فذكر الطيب كله، ولا يصلح أن يقول شخص إن المقصود بالطيب هنا فقط الزعفران والورس، بل المقصود كل الطيب، وذِكر الزعفران والورس كان من باب التمثيل.

وكذلك حين يقول الناس: “العشرة المبشرون بالجنة” لا يعنون أنهم فقط من بُشِّروا، بل غيرهم بُشِّر بلا خلاف، كثابت بن قيس الشماس وعكاشة بن محصن وغيرهم، غير أن ذكر بعض أفراد العام لا ينافي العموم، أو التخصيص بالذكر لا يعني التخصيص بالحكم.

من هاهنا جاء كلام ابن تيمية في توجيه حديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه» على التسليم بصحته.

قال الشيخ في رسالته «في فضل الخلفاء الراشدين»: “وأما قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فمن علماء الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه كأحمد بن حنبل والترمذي وغيرهما، فإن كان النبي -ﷺ- قال ذلك فما أراد به ولاية يختص بها، بل لم يرد به إلا الولاية المشتركة، وهي ولاية الإيمان التي جعلها الله بين المؤمنين. وتبين بهذا أن عليا -رضي الله عنه- من المؤمنين المتقين الذين يجب موالاتهم، ليس كما تقول النواصب أنه لا يستحق الموالاة. والموالاة ضد المعاداة. ولا ريب أنه يجب موالاة جميع المؤمنين، وعلي من سادات المؤمنين، كما يجب موالاة أبي بكر وعمر وعثمان وسائر المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، ونقص إيمانه بقدر ما ترك من موالاتهم الواجبة، وقد قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} وهذه موجبة لموالاة جميع المؤمنين”.

وقال الخلال في «السنة»: “462- أخبرنا محمد بن سليمان الحضرمي، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا الحارث بن منصور، قال: سألت الحسن بن صالح عن قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» قال: في الدين”.

يريد أن المقصود في الحديث محبة الدين التي تكون بين جميع المؤمنين {بعضهم أولياء بعض}، والحسن بن صالح معدود في الشيعة لذا سجَّل اعترافه هذا.

فإن قال الشيعي: فلِم يخُصُّ علياً بالذكر إن كان هذا المعنى؟

فيقال: التخصيص بالذكر لا يعني التخصيص بالحكم، فكما سُمِّي الزبير حواريَّ الرسول ﷺ، وليس معناه أنه الوحيد الناصر له، وكما قال النبي ﷺ في عائشة حين كلمته فاطمة: «أي بنية، ألستِ تحبين ما أحب؟» فليس معناه أنه يبغض بقية أمهات المؤمنين ولكن لما رأى نفرةً منها، نوه بحبه لها، وكذا فعل مع علي لما رأى نفرة من نفَّر منه، نوه به، ومعلوم خصومة بريدة مع علي بن أبي طالب الثابتة في الصحيح.

ومما يدل أن المقصود بها ليس أمر الولاية أن النبي ﷺ في حياته ما كان هناك أمير غيره وكان هناك أمراء فرعيُّون وكان يقول: «من أطاع أميري فقد أطاعني».

وقد قال النبي ﷺ في بعض فقراء المهاجرين لأبي بكر: «إن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك» رواه مسلم، وهذا أبلغ من الحديث الذي معنا لو تأملت.

وإشكالية الشيعي أنه ينظر لفضائل علي المروية بغض النظر عن فضائل بقية الصحابة، فكثير مما رُوي في فضله حتى من غير الثابت لا يدل على مقصودهم.

والنصوص لا تؤخذ بمعزل عن بعضها البعض، فلو كان المفهوم النصرة المطلقة فالقصد نصرته فيما أرسله له النبي ﷺ، وأما ما كان منه بعد وفاته فهذا يدخله الاجتهاد، مثل حديث: «المدينة كالكير تنفي خَبَثها»، والقصد من لم يصبر على الهجرة، ولا يدخل في ذلك من خرج مجاهداً ولا يدخل فيه علي بن أبي طالب الذي ترك المدينة.

والآن مع تقرير علماء الشيعة لقاعدة (التخصيص بالذكر لا يعني التخصيص بالحكم).

قال محمد طاهر الشيرازي في «الأربعين» صـ515: “وذكر سليمان في الإرث لا يدل على اختصاصه به، لعدم دلالة التخصيص بالذكر على التخصيص بالحكم”.

وقال المحقق الكركي في «جامع المقاصد» [2/461]: “وجوابه: أن تخصيص قاصي المنزل بالذكر لا يقتضي تخصيصه بالحكم، إلا بمفهوم المخالفة، وهو مع ضعفه لا يعارض المنطوق”.

وكثير منهم قرروا هذا المعنى مع كون الخبر آحادياً لا يمكن أن يعتمد عليه في معارضة أصل عدالة عموم الصحابة، وما تواتر عن علي نفسه من تفضيل الشيخين على نفسه.

وأما زيادة: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» فلا تصح، وعامة طرق الحديث بدونها.