
سنرى من المتزلف؟
أما جابر بن زيد أبو الشعثاء فدعوى أنه أدرك سبعين بدرياً فكذب محض ينشره الإباضية.
ولا دليل عليه، وشيوخه كلهم من صغار الصحابة أو من طال عمرهم، ابن عباس وابن الزبير وروى عن معاوية.
والحسن البصري أكبر منه، وما حدث أصحابه عن بدري قط.
قال مسلم في مقدمة صحيحه: “وحدثني حسن بن علي الحلواني، قال: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همام، قال: دخل أبو داود الأعمى على قتادة، فلما قام، قالوا: إن هذا يزعم أنه لقي ثمانية عشر بدريا، فقال قتادة: «هذا كان سائلا قبل الجارف، لا يعرض في شيء من هذا، ولا يتكلم فيه، فوالله ما حدثنا الحسن عن بدري مشافهة، ولا حدثنا سعيد بن المسيب عن بدري مشافهة، إلا عن سعد بن مالك»”.
ويا ليت شعري علي بن أبي طالب من أهل بدر وأنت تقول إن الإباضية نقيض للشيعة، يعني أنهم يطعنون في علي.
فإذا كانت البدرية ليست فضيلة عاصمة لصاحبها، فكيف تكون فضيلة مميزة لمن أدرك صاحبها؟
وقد ثبتت براءته من مذهب الإباضية.
قال ابن سعد في «الطبقات»: “أخبرنا سعيد بن عامر وعفان بن مسلم قالا: حدثنا همام عن قتادة عن عزرة قال: قلت لجابر بن زيد إن الإباضية يزعمون أنك منهم. قال: أبرأ إلى الله منهم. قال سعيد في حديثه: قلت له ذلك وهو يموت”.
وقال أيضاً: “أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن محمد قال: كان بريئا مما يقولون. يعني جابر بن زيد. قال عارم: وكانت الإباضية ينتحلونه”.
وهذا صحيح.
وقال ابن عدي في «الكامل»: “حدثنا الساجي، حدثنا أحمد بن محمد سمعت يحيى بن معين يقول صالح الدهان قدري وكان يرضى بقول الخوارج وذلك للزومه جابر بن زيد وكان جابر أباضيا وعكرمة صفريا”.
وهذا لا يصح عن يحيى بن معين، فأحمد بن محمد هذا تنازع الناس فيه؛ من هو، فمنهم من جعله الأثرم، ومنهم من جعله ابن محرز، ومنهم من جعله الحماني الكذاب، ولا مرجح، ولو صح لكانت روايات التبرئة أقوى.
وقال البخاري في صحيحه: “1608- وقال محمد بن بكر: أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء أنه قال: «ومن يتقي شيئا من البيت؟» وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: إنه لا يستلم هذان الركنان، فقال: «ليس شيء من البيت مهجورا» وكان ابن الزبير رضي الله عنهما «يستلمهن كلهن»”.
هنا جابر بن زيد يحتج بمعاوية، وهذا دليل إضافي على براءته من الإباضية، لأنهم ينفرون من معاوية.
ثم ما يفيده تقدم زمانه؟ فنافع الأزرق ونجدة الحروري أيضاً أزمنتهم متقدمة، وهل نفع علي وطلحة والزبير تقدمهم عند الإباضية؟
وأما استغرابه من دعوى التقارب بين الشيعة والإباضية، فهذا مشاهد في زماننا، ويكفيك استقبال الخليلي لعدنان إبراهيم الذي ميله للتشيع ظاهر، وواضح نشاط الشيعة في عمان مع التضييق على السلفية.
وأما الحديث عن شعب عمان فهذا عجيب، فهل إذا وجدنا إباضياً يتكلم عن الشيعة أو الزيدية أو السلفية نحول الكلام عن إيران والعراق واليمن والسعودية؟
هذا استغلال غريب للنفس الوطني الحديث، في قضايا عقائدية لم يزل الناس يتكلمون فيها، وأحمد الخليلي داعية جاد لمذهبه، حتى إنه صنف كتاب «الحق الدامغ» يدعو فيه لنفي الرؤية والقول بخلق القرآن والقول بتخليد أصحاب الكبائر في النار، ورد عليه الدكتور علي ناصر فقيهي في كتاب «الرد القويم البالغ».