متى جاهدت الأمة عدوها ألَّف الله بين قلوبها، وإن تركت الجهاد شغل بعضها ببعض

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

حين رأيت هذا المشهد تذكرت قول ابن تيمية كما في «جامع المسائل» [5/300]: “ومتى جاهدت الأمَّةُ عدوَّها ألَّف الله بين قلوبها، وإن تركتِ الجهادَ شغَلَ بعضَها ببعض.

ومن نِعَم الله على الأمة أنها قد اجتمعت على ذلك في الشرق والغرب، حتى إن المؤمنين من أهل المشرق قد تحرَّكت قلوبُهم انتظارًا لجنود الله، وفيهم من نوى أنه يخرج مع العدو إذا جمعوا، ثم إما أن يقفز عنهم وإما أن يُوقع بهم. والقلوبُ الساعةَ محترقةٌ مهتزةٌ لنصر الله ورسوله على القوم المفسدين”.

موطن الشاهد ما ذكره ابن تيمية من الألفة، فكل هذه العشائر التي اجتمعت لا شك أن كان بينهم خلافات على ما جرت به العادة، حتى في القبيلة الواحدة تجد خلافاً وأحياناً اقتتالاً.

فالحمد لله الذي جمع القلوب.

وقد سمعت أن بعضهم يقول وهو يحرض الناس: الذي يقاتل ابن عمه على أرض أو غيره ثم لا يقاتل معنا اليوم ذباً عن الحريم هو جبان (هذا معنى كلامه).

فتذكرت قول المجدد محمد بن عبد الوهاب في رسالته لأهل حريملا: “وأنتم كذلك، المعروف منكم أنكم ما تدينون للعناقر، وهم على عنفوان القوة في الجاهلية، فيوم رزقكم الله دين الإسلام الصرف، وكنتم على بصيرة في دينكم، وضعف من عدوكم، أذعنتوا له حتى أنه يبِي منكم الخسر، ما يشابه لجزية اليهود والنصارى. حاشاكم والله من ذلك! والله العظيم! إن النساء في بيوتهن يأنفن لكم، فضلاً عن صماصيم بني زيد. يا الله العجب! تحاربون إبراهيم بن سليمان فيما مضى عند كلمة تكلم بها على جاركم، أو حمار يأخذه ما يسوى عشر محمديات، وتنفذون على هذا مالكم ورجالكم، ومع هذا يثلب بعضكم بعضاً على التصلب في الحرب ولو عضكم، فيوم رزقكم الله دين الأنبياء الذي هو ثمن الجنة والنجاة من النار، إذا أنكم تضعفون عن التصلب؛ وها الأمر خالفه صار كلمة أو حمار أنفق عندكم وأعز من دين الإسلام. يا الله العجب!”.