حول إنزال أخبار المغفرة على أهل الفسق

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

اعتقاد أهل السنة والجماعة أن العصاة الذين لم يكفروا تحت المشيئة، إن شاء الله عذبهم، وإن شاء غفر لهم.

{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء].

لكن هذا الذي يحصل عبث.

فأولاً: الأثر المذكور عن أيوب مذكور في «الرسالة القشيرية» و«إحياء علوم الدين» بلا إسناد، وكلاهما من كتب الصوفية التي تجمع الغث والسمين، وإن كان كلاهما لما ذكر القصة قال: «قيل»، فذكرها تمريضاً.

ثانياً: نحن نرجو المغفرة لكل مسلم، لكن لا يصلح أن نأتي بآثار أن زيداً أو عمراً غفر له، فكأننا نقول إن فلاناً هذا المعاصر سيغفر له، فنحن لا ندري هل غفر له أم لا.

ثالثاً: صاحب الصورة هو مطرب، وحتى أصحابه المطربون حذفوا أغانيه من مواقعهم لعلمهم أن الأمر يجر آثاماً، فالذي ينبغي أن نحذِّر الناس من سلوكه تخفيفاً لآثامه، لا أن ننزِّل عليه أخبار المغفرة ونحن لا ندري.

رابعاً: ترك الصلاة على مُظهِر الفسق والداعية إليه رحمةٌ به، فإن من أهل العلم من يفعل ذلك حتى يهاب الناس سلوكه، ويترحم عليه فيما بينه وبين نفسه.

قال ابن تيمية كما في «الفتاوى الكبرى»: “وأما من كان مظهرا للفسق مع ما فيه من الإيمان، كأهل الكبائر، فهؤلاء لا بد أن يصلي عليهم بعض المسلمين. ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجرا لأمثاله عن مثل ما فعله، كما امتنع النبي -ﷺ- عن الصلاة على قاتل نفسه، وعلى الغال، وعلى المدين الذي لا وفاء له، وكما كان كثير من السلف يمتنعون من الصلاة على أهل البدع كان عمله بهذه السنة حسنا.
وقد قال لجندب بن عبد الله البجلي ابنه: إني لم أنم البارحة بشما، فقال: أما إنك لو مت لم أصل عليك. كأنه يقول: قتلت نفسك بكثرة الأكل. وهذا من جنس هجر المظهرين للكبائر حتى يتوبوا، فإذا كان في ذلك مثل هذه المصلحة الراجحة كان ذلك حسنا، ومن صلى على أحدهم يرجو له رحمة الله، ولم يكن امتناعه مصلحة راجحة، كان ذلك حسنا، ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين كان تحصيل المصلحتين أولى من تفويت إحداهما”.

وأما من استغل الحدث ليبحث في جواز الأغاني، فنقول له: اتركنا من سفهك واحترم عقولنا، الكل يعلم ما في هذه الأغاني وكيف يغنون بالأفراح ويختلط الرجال مع النساء وما يفعلونه في الفيديوهات، هذا أمر معلوم، ولا ينازع في حرمته عاقل.

وهنا تنبيه: إذا كان هذا المطرب أصحابه حذفوا فيديوهاته خوفاً من الآثام وقد كانوا يسترزقون بالأمر، فما بال كثير من عوام الناس يضعون أفراحهم المختلطة في مواقع التواصل ويحصِّلون ما لا يحصيه إلا الله من الذنوب بمشاهدة الناس للنساء العرايا في فيديوهاتهم، ويقولون: هذه فرحة؟!

أنت تفرح بأنك ستجتمع مع زوجتك بالحلال بكل هذه المحرمات؟!

عجيب!