التعليق على جزء من خطبة جمعة موحدة في المغرب: قيل فيها إن الأشعرية من الثوابت الضامنة للأمن وإنها عقيدة أهل السنة والجماعة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

هذا من خطبة جمعة موحدة في المغرب، والعجيب أن من أهم عوامل انتشار الأشعرية في المغرب دولة الموحدين، دولة ابن تومرت.

قال ابن خلدون في تاريخه: [6/ 303] وهو يتكلم عن ابن تومرت: “وكانوا ملئوا منه حسدا وحفيظة لما كان ينتحل مذهب الأشعرية في تأويل المتشابه وينكر عليهم جمودهم على مذهب السلف في إقراره كما جاء. ويرى أن الجمهور لقّنوه تجسيما، ويذهب إلى تكفيرهم بذلك أحد قولي الأشعرية في التكفير”.

ومعلوم أنه سفك دماءً كثيرة في هذا السياق، حتى شبهه ابن القيم بالحجاج.

وقال الذهبي إنه سار في الدماء، وقال في السير [14/383]: “وأقدم على الدماء إقدام الخوارج، ووجد ما قدم” ومع ذلك نعته بالإمامة، على عادته في التوسع في إطلاق هذا اللقب.

وقد آثرت ذكر قول ابن خلدون لاعتباره عند المغاربة، ولأنه ينقل خلافاً في مذهب الأشعري في تكفير المخالفين، وكلام ابن خلدون يدل على أن قدماء المغاربة كانوا على غير طريقته في أكثرهم.

وقال المقريزي في «الخطط» [4/167]: “فاستمر الحال على عقيدة الأشعري بديار مصر وبلاد الشام وأرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب أيضاً، لإدخال محمد بن تومرت رأي الأشعري إليها، حتى أنه صار هذا الاعتقاد بسائر هذه البلاد، بحيث أن من خالفه ضرب عنقه”.

فكيف لو رأى ابن تومرت من يسيرون على خطاه ثم يهجون الحكم على المخالف، وما وصلهم اعتقاده إلا بالتكفير والإقصاء!

ذم التكفير والتبديع والتفسيق مطلقاً يتناسب مع النفس الليبرالي، وهذا النفس يشجع على التعددية، فكيف تفرض مذهباً معيناً ثم تهجو الحكم على المخالف، فتثبت معنى التكفير أو التبديع مع نفيك للفظه! وهذه أشبه بحيل العالمانيين.

وأما وجود غلاة أو من يُدعى فيهم الغلو أو التساهل، فهذا حاضر في كل مذهب، وكل طرف يزعم أن الاعتدال معه وأن العدل في قوله.

وكل كتاب فقهي فيه باب للردة، فهذا لا يُذم مطلقاً ولا يُمدح مطلقاً.