الاستهانة بالطاعات وحقوق الله في مقابل حقوق الإنسان (التعقيب على عبد الله الشريف لنشره فيديو ينفِّر من الحج)

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

رأيت هذا الفيديو لعبد الله الشريف هداه الله ينفِّر به من الحج، ويربط بينه وبين ما يقع لأهلنا في غزة، فاستحضرت أمراً كتبته قبل ٧ سنوات، حيث قلت:

لقد اعتمر النبي الكريم ﷺ في وقت كانت فيه الكعبة تحت سلطان قريش الذين أخرجوه وقاتلوه وأحاطوا الكعبة بالأصنام.

ومع ذلك ذهب النبي الكريم ﷺ إلى بيت الله، لأنه بيت الله وعبَده وأظهر التوحيد هناك، وما قال لن أنفع قريشاً بشيء حين آتي وأدخل بلادهم ولعلي أبيع وأشتري.

فإن قريشاً إن انتفعت فنفع المؤمنين بطاعة الله عز وجل أعظم.

وهذا ثمامة بن أثال لما عرض على النبي الكريم ﷺ أن يمنع قريشاً من تجارته أمره النبي الكريم ﷺ بألا يفعل، وعلق ابن حبان في صحيحه على هذا الحديث بقوله: “في هذا الخبر دليل على إباحة التجارة إلى دور الحرب لأهل الورع”.

وهذا لأن المنفعة متبادلة، وهذا في التجارة فكيف بأمر يحط الخطايا حطاً؟

ولو نظرت في كتاب «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين» لوجدت أن بعض الطوائف التي كانت تملك الحرمين إذا أرادت إغاظة طائفة منعتها من الحج، لما يعلمون من تعظيم بيت الله في قلوب الناس.

وفقط في زماننا هذا ظهرت دعوة بعض الناس لمقاطعة الحج، بحجة أن البيت الحرام تحت سلطة فاسدة وأنها ستنتفع بأموال الحج!

وأنت ألن تنتفع بأن يُغفر ما تقدم من ذنبك؟ لو كان هذا الكلام في زمان غير زماننا لكان أقلَّ لعَجَبنا، حيث يسمون الذهاب لديار الكفار (هجرة)، ويعيشون هناك، وينتفع الكفار انتفاعاً مباشراً بأموالهم وأنفسهم وربما أعراضهم، ثم يقول القائل: لا نذهب لبيت الله عز وجل من أجل فلان وفلان.

وهذه الفكرة ما جاءت من فراغ، وإنما جاءت من ركام الاستهانة بالطاعات وحقوق الله في مقابل حقوق الإنسان وصراعاته، فحتى لو أظهروه لك على أنه دين، فالدين أعظم مسائله عندهم ما كان فيه مصلحة مادية أو اجتماعية، وأما مسائل العقيدة المحضة فهذه أمرها هين، إلا إذا أمكن تجييرها لمصلحة النوع الأول.

وأزيد الآن قائلاً: لا يمكن لأحد مقاطعة المنتجات النفطية بحجة ضروريتها، وأموال الحج ينتفع بها جمع غفير من أهل الإسلام العاملين في حملات الحج وفي خدمة الحجيج.

وصاحب المنشور بنفسه يدفع الضرائب لمن أسس الكيان السرطاني النجس، ولا يزال يدعمه.