الرد على علي جمعة حول رواية مالك الأشتر والدفاع عن معاوية رضي الله عنه

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

مالك الأشتر له ضريح يعبد من دون الله عز وجل في مصر، ورأيت مرة في برنامج يتكلم عن أضرحة أهل البيت يذكرونه، مع أنه ليس من أهل البيت.

لذا علي جمعة انتقى ما يحسبه مدحاً فيه، ولذلك صاحب المقطع أسماه (الرجل).

قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: “وقيل: إن عبدا لعثمان لقيه فسم له عسلا وسقاه، فبلغ عمرو بن العاص فقال: إن لله جنودا من عسل”.

الذهبي يقول (قيل)، يعني ليس متأكداً من صحة الرواية، فصححها علي جمعة وتبرع بذكر معاوية من عند نفسه، علماً أنه لا ذكر له بالرواية ولا أنه هو الآمر.

والرواية في مصنف عبد الرزاق هكذا: “فأرسل الأشتر أميرا على مصر، حتى إذا بلغ القلزم شرب بالقلزم شربة من عسل فكان فيها حتفه، فبلغ ذلك معاوية وعمرو بن العاص فقال عمرو بن العاص: إن لله جنودا من عسل”.

فالقائل هو عمرو، وليس فيها أنه هو أمر أو معاوية، والخبر من رواية الزهري وهي منقطعة، فهو لم يدرك القصة.

هذا ما رُوي بإسناد، وما سواه خرافات تُحكى هكذا بلا إسناد.

وما ذكره علي جمعة من أن معاوية قال لرجل: لا آخذ منك الخراج عشر سنين إذا خلصتني من مالك الأشتر فهو حديث خرافة.

وقال ابن قتيبة في «عيون الأخبار»: “حدثني أبو حاتم عن الأصمعي عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: ولى علي رضي الله عنه الأشتر مصر فلما بلغ العريش أتى بطرا مصر فقال له مولى لعثمان: (وكان يقول: أنا مولى لآل عمر) : هل لك في شربة من سويق أجدحها لك؟ قال: نعم. فجدح له بعسل وجعل فيها سمّا قاضيا فلما شربها يبس، فقال معاوية لما بلغه الخبر: يا بردها على الكبد! إنّ لله جنودا منها العسل. وقال عليّ: لليدين وللفم”.

وعوانة متهم ولم يدرك القصة، ولا يستبعد أن يفعل به مولى عثمان هذا، لأنه كان من أشد الناس على عثمان، ولكن ليس في الخبر أن معاوية أمره، وفيه أن علياً أيضاً تشفى بالأشتر، فقال: “لليدين وللفم”، وهذه عبارة تشفِّي.

وأورد علي جمعة رواية عن علي في مدح الأشتر، وهي قوله: “لو كان من جبل لكان فِنْدا، أو من حجر لكان صَلدا”.

وهي من رواية هشام الكلبي الرافضي المتروك ولوط بن يحيى الرافضي المتروك، كما في «الموفقيات» للزبير بن بكار، وتابعهم عليها نصر بن مزاحم الرافضي الكذاب.

ورواية التشفي على وهنها أقوى.

وثمة رواية قوية عن عمر في ذمه في «العلل» لعبد الله بن أحمد:

قال عبد الله: “قال أبي: في حديث يزيد بن زريع، عن شعبة قال: أنباني عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة قال: دخلنا على عمر -وفد مذحج- وكنت من أقربهم منه مجلسا، فجعل عمر ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره، فقال لي: أمنكم هذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ما له، قاتله الله، كفى الله أمة محمد شره، والله إني لأحسب أن للمسلمين منه يوما عصيبا”.

ورجاله ثقات وعبد الله بن سلمة صدوق له أوهام، وهذه قصة يرويها مباشرة، فالخطب فيها هين.

وأورد الخلال في «السنة» قول أحمد أنه لا يُروى الحديث عن الأشتر، وهذا يعني أن الخلال حمل كلام الإمام أحمد على الذم لإيراده له في كتاب عقيدة.

قال ابن أبي الدنيا في «الإشراف» [291]: “حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرني القاسم بن الفضل الحداني، قال: حدثني يوسف بن سعد مولى عثمان بن مظعون قال: قال ابن حاطب: لو شهدت اليوم شهدت عجبا اجتمع علي وعمار ومالك الأشتر وصعصعة بن صوحان في هذه الدار دار نافع -فتكلم عمار فذكر عثمان فجعل علي يتغير وجهه، ثم تكلم مالك حذا عمار قال: ثم إن صعصعة تكلم، فقال: أبا اليقظان ما كل ما يزعم الناس أن عثمان أتى وقال قائل: كان أول من ولي فاستأثر وأول من تفرقت عنه الأمة. ثم إن عليا تكلم، فقال: أنا والله على الأثر الذي أتى عثمان لقد سبقت له سوابق لا يعذبه الله بعدها أبدا”.

وهذا خبر صحيح عن علي في زجره الأشتر وغيره على ذكر عثمان بسوء.