
ها قد بدأنا، مع انتشار خبر وجود مسلسل عن معاوية فإن هذا سيهيج القوم لنشر أكاذيبهم.
الرواية بهذا اللفظ لا أصل لها في كتب الشيعة والسنة.
وهناك رواية بلا إسناد في «تجارب الأمم» للفيلسوف ابن مسكوية الذي مات في القرن الخامس، ولو روى بإسناد لا تعتمد روايته فكيف وهو يروي بدون إسناد؟
وروايته فيها فقط تنازع القوم في أمر الماء وأن عمرو بن العاص كان رأيه ترك الماء لهم، ونقلها ابن الأثير في كامله.
والرواية الأقوى أن معاوية كان رافضاً أن يمنعهم من الماء!
“قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في “كتاب صفين”: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو المغيرة، قال حدثنا صفوان، قال حدثني أبو الصلت سليم الحضرمي، قال: شهدنا صفين فإنا لعلى صفوفنا، وقد حلنا بين أهل العراق وبين الماء، فأتانا فارس على برذون مقنعا بالحديد، فقال: السلام عليكم، فقلنا: وعليك، قال: فأين معاوية؟ قلنا: هو ذا، فأقبل حتى وقف، ثم حسر عن رأسه، فإذا هو أشعث بن قيس الكندي، رجل أصلع ليس في رأسه إلا شعرات، فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد ﷺ، هَبُوا أنكم قتلتم أهل العراق، فمن للبعوث والذراري؟ أم هَبُوا أنا قتلنا أهل الشام، فمن للبعوث والذراري؟ الله الله، فإن الله يقول: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله}، فقال له معاوية: فما الذي تريد؟ قال: نريد أن تخلوا بيننا وبين الماء، فوالله لتخلن بيننا وبين الماء، أو لنضعن أسيافنا على عواتقنا، ثم نمضي حتى نرد الماء أو نموت دونه، فقال معاوية لأبي الأعور عمرو بن سفيان: يا أبا عبد الله خل بين إخواننا وبين الماء، فقال أبو الأعور لمعاوية: كلا والله يا أبا عبد الله، لا نخلي بينهم وبين الماء، يا أهل الشام دونكم عقيرة الله، فإن الله قد أمكنكم منهم، فعزم عليه معاوية، حتى خلى بينهم وبين الماء، فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلا، حتى كان الصلح بينهم، ثم انصرف معاوية إلى الشام بأهل الشام، وعلي إلى العراق بأهل العراق” «تهذيب الكمال».
رواه أيضاً الدولابي في «الكنى والأسماء»، ورواه من طريق عبد الله بن أحمد ابن العديم في «بغية الطلب».
فمعاوية يقول (إخواننا) ويرفض منعهم من الماء.
وهكذا الفتنة يلزمك النظر في مئات المجلدات لتعرف أخبارها، ثم لا بد أن تنقح وترجح، هذا إن سلمت من التحيز المسبق، ولا تأمن أن تحمل بقلبك على صحابي جليل من الطرفين.
لذا كان من فقه السلف الإمساك عن هذا وصد العامة عنه، ويقولون: تلك فتنة عصم الله أيدينا عنها، فنعصم ألسنتنا إلا بخير.
وقد قال تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} وقد علم سبحانه أن سيقتتلون فكان هذا الفيصل.