
الوحيد الذي أصيب باختراق هو صاحب المنشور، فلا شك أنه جاء بها من مواقع الرافضة.
والرواية لا يصدقها إلا رافضي أو جاهل بالتاريخ أو غافل لم يدقق.
حين مات علي الرضا كان عمر أبي زرعة الرازي على أقصى تقدير تسع سنوات، فمتى وقعت هذه القصة؟
هل قال كل هذا الكلام واستمع له من بين الحشود وكتب عنه الخبر وكان يستملي، وهو ابن تسع سنين فقط! والمذكور في الرواية صنيع الحفاظ.
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» في تاريخ وفاة علي الرضا: “مات في صفر سنة ثلاث ومائتين، عن خمسين سنة بطوس”.
قال الحاكم في كتابه «الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار»: “سمعت عبد الله بن محمد بن موسى سمعت أحمد بن محمد بن سليمان الرازي الحافظ يقول: ولد أبو زرعة سنة أربع وتسعين ومائة وارتحل من الري، وهو ابن ثلاث عشرة سنة”.
وهناك رواية في «تاريخ بغداد» أنه ولد سنة مائتين، ولكن في سندها متهم، وقد رجحها الذهبي.
والرواية التي تذكر أنه ولد عام ١٩٤ تذكر أنه ما رحل من بلده إلا وهو في الثالثة عشرة من عمره، فالقصة مستحيلة الوقوع، لأنها لتقع لا بد أن يكون عمره عندها أكثر من ثلاث عشرة سنة، والرضا أصالة دخل نيسابور لما كان أبو زرعة عمره ست سنوات فقط، وخرج منها في العام نفسه.
قال الحاكم: “ورد الرضا نيسابور سنة مائتين، بعث إليه المأمون رجاء بن أبي الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة، ثم منها إلى الأهواز، فسار منها إلى فارس، ثم على طريق بست إلى نيسابور، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال، ثم سار به إلى مرو”.
والقصة المنكرة المذكورة هذا لفظها:
“(فائدة) في تاريخ نيسابور للحاكم أن عليا الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين لما دخل نيسابور كان في قبة مستورة على بغلة شهباء وقد شق بها السوق فعرض له الإمامان الحافظان أبو زرعة الرازي وابن أسلم الطوسي ومعهما من أهل العلم والحديث من لا يحصى فقالا أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة بحق آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهك الميمون ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك نذكرك به فاستوقف غلمانه وأمر بكشف المظلة وأقر عيون الخلائق برؤية طلعته فكانت له ذؤابتان صلياها على عاتقه والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ما بين باك وصاخ ومتمرغ في التراب ومقبل لحافر بغلته وعلا الضجيج فصاحت الأئمة الأعلام معاشر الناس انصتوا واسمعوا ما ينفعكم ولا تؤذونا بصراخكم وكان المستملي أبو زرعة والطوسي”.
فكيف طفل عمره ست سنوات يتقدم بين يدي ما لا يُحصى من طلاب العلم! ويكون هو المستملي! والمستملي ينبغي أن يكون صيِّتاً يقظاً عدلاً، فكيف يتحقق هذا لطفل ما اشتهر بالعلم للتو! وأمر الاستملاء وقع لعلية القوم، بدليل أن الطوسي هو المستملي، فكيف يوضع في الاستملاء حافظ كبير ومعه طفل!
هذا كله من باب النقد المتني، وإلا فالقصة لا إسناد لها، ولا يذكرها عن تاريخ نيسابور إلا أناس تأخروا عن القرون السبعة الأولى واختلفوا في لفظها، فيبدو أن وجودها في تاريخ نيسابور فيه شك، بدليل أنه روى حديثاً، وحديث يرويه أبو زرعة عن الرضا بسند صحيح هذا يتطلبه المحدثون، ومع ذلك هذا الحديث غير مخرج بهذا الإسناد في الكتب، بل حتى الحاكم ما خرجه في مستدركه، ولا يوجد في كتب أبي زرعة وتلاميذه أي أثر لهذه الرواية، ولا لذكر أنه تتلمذ على علي الرضا.
وأما بالنسبة للاختراق فأبو زرعة له عقيدة مكتوبة مشهورة بـ«عقيدة الرازيين»، فيها هذا: “وخير هذه الأمة بعد نبيها ﷺ أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب”.
وله الكلام المشهور في سب الصحابة حين قال: “إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنه زنديق”.