نحن أيضاً بحاجة إلى الدعاء

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

كلما أراد المرء أن يتكلم عن جرائم الصهاينة في غزة يسكته الحياء ولا يجد غير الدعاء.

والمرء يستحي من الله أن يستخدم مأساة إخوانه في كلام لا يقدم ولا يؤخر، ولكن يعليك على فلان ويشفيك من فلان.

غير أنني قبل قليل تذكرت دعاءً رواه أبو هريرة في الصلاة على الميت، وارتبط في ذهني بما نراه اليوم.

قال مالك في «الموطأ»: “17- عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه أنه سأل أبا هريرة كيف تصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة: «أنا لعمر الله أخبرك، أتبعها من أهلها، فإذا وضعت كبرت، وحمدت الله، وصليت على نبيه» ثم أقول: «اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا، فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا، فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده»”.

وهذا صحيح عنه.

الذي أخذ فكري آخر الدعاء: «اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده».

قد يصلي المرء على أبيه أو ولده أو أخيه أو شخص من أحب الخلق إليه، ومع ذلك يسأل الله عز وجل الأجر من ورائه، وذلك أن هذه ليست النهاية، بل هناك آخرة.

وحتى الشهيد الذي لا يصلَّى عليه يصلح أن يقال فيه: “اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده”.

فما أجره وما الفتنة بعده؟

الأجر: أجر الصلاة وأجر الدعاء وأجر موالاة المسلم والشفاعة فيه، ومن الموالاة النصرة بما يستطاع ومعاداة العدو.

وأما الفتنة: فالجزع والسخط والانكسار.

ومن الفتنة: الانتكاسة عن الدين أو موالاة أعداء الله ظناً أن النصر بأيديهم أو الاستغناء عن غاية التمكين.

{الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر} [الحج].

هذه المعاني فوق الأرض، والأرض إنما جاءت ليُحقق فيها هذا.

ومن الفتنة: الشك بوعد الله أو بشرطه، قال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} [النور].

ونحن بحاجة عظيمة لهذا الدعاء.

اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، ومن السلامة من الفتنة: نزع الوهن من القلوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.