أورد البخاري في صحيحه في كتاب البيوع أبواباً في الحث على التجارة، مثل باب الخروج في التجارة، وباب التجارة في البحر.
ثم مضى يسرد أبواباً تتعلق بهذا السياق حتى جاء إلى باب من أحب البسط في الرزق.
وأورد تحته حديث: «من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه».
فيفهم أن هذا الباب له تعلق بما سبقه، والحق أن في ذلك إشارة نفيسة لكون هذا الحديث يُصلح خللاً في قلوب كثير من التجار ورجال الإعمال.
فإن كثيراً منهم إذا اكتسب أو اغتنى قطع رحمه أو قلل مواصلة أرحامه لأسباب.
أولها: خشية أن ينظروا لما في يده، فيحسدوه أو يعرضوا له حاجاتهم لما يعلمون من يساره.
ثانيها: الالتهاء بالكسب عن المناسبات الاجتماعية وعن صلة الأرحام، فـ«منهومان لا يشبعان، طالب علم وطالب دنيا».
فجاء الحديث لمحق هذه الوسوسة، وأن صلة الرحم مما يزيد الرزق، لا كما يتوهم المرء أنها تنقصه.
ومن ذلك صلة الأرحام الفقراء، فخير الصدقة على ذي الرحم الكاشح، وفي الخبر: «اللهم أعط منفقاً خلفاً»، والنفقة على الأرحام صدقةٌ وصلة، وكلاهما من أسباب زيادة الرزق.
فتأمل كيف أن وضع البخاري لهذا الحديث في سياق الكلام عن التجارة وتبويبه عليه فيه لفتة نفيسة!