
قد يبدو لك أن هذه صورة معدلة بالذكاء الاصطناعي أو الفوتوشوب، ولكنها حقيقية تماماً.
هذه جبال قوس قزح، وقد ورد عن جماعة من السلف النهي عن هذا الاسم، وسموه قوس الله.
هي جبال في الصين، ولها نظير في بيرو، تبدو وكأنها رسمة، يأتي السياح من كل مكان ليستمتعوا بالمشهد وتلك اللذة البصرية العجيبة.
قد لا يظهر لك علاقة هذه الصورة الجميلة بمبحث الإيمان والإلحاد من الناحية الجدلية، غير أن لها علاقة وطيدة بنقاش بين أنصار الداروينية (التي يعتمدها كثير من الملاحدة) ومن يؤمن بوجود الله ويرى قصور نظرية دارون التفسيري.
فمبحث الجمال اعتبره دارون مهدِّداً لنظريته، حتى إنه كان يشعر بالغثيان إذا نظر لريشة طاووس، لأنه يفسر جميع الأمور بحسب الانتخاب الطبيعي والحاجة للبقاء.
وهذا لا يقصي التفسير الإيماني كما يظن، فالخالق خلق الخلق ليعبدوه، ومن أساسيات ذلك أن يوجدوا ويعيشوا، فرتب في حكمته سبحانه ما يضمن ذلك.
دارون فسر الجمال بأن المقصود به تحقيق التزاوج، فالإناث يكن جميلات حتى يتصارع الذكور عليهن ويهلك الضعيف ويبقى القوي، وهذا سماه (قانون المعركة).
اعترض عليه الآخرون بأن هذا لا يفسِّر لماذا ننجذب إلى الجمال من الأساس ولماذا نجد له لذة، ثم جمال الذكور في عيون الإناث ولسن شريكات في الصراع، كيف يمكن تفسيره؟
ومن الكائنات ما ليس جميلاً وبقي طويلاً، كالغربان (ولكن نحن لا نضمن أن انثى الغراب ليست جميلة في عين ذكرها).
هم يفسرون الجمال بأنه هبة الخالق للمخلوقات (هذا تفسير النصارى).
وأما عند أهل الإسلام فينبغي أن يقال إن كل جمال في الدنيا هو تشويق لجمال الجنة ولرؤية الجليل الجميل سبحانه وتعالى.
وقد قرَّب النبي ﷺ رحمةَ الله عز وجل للصحابة بضرب مثل برحمة الأم بابنها «فالله أرحم».
وكل جمال تراه جنة الله أجمل منه، وكل جميل رؤية الله خير من رؤيته، وأعظم نعيم الجنة نعيم بصري، وهذا معنى حرم منه من بُلي بداء التجهم، ولذلك تراهم يشركون بالمخلوقات لاحتجابهم عن أعلى الحب والشوق لأعلى الجمال.
وكذلك الجمال نعمة وفتنة، نعمة لمن صبر واستمتع به في الحلال، وفتنة لمن فتنه ذلك عن طاعة الله وأوقعه في المعاصي.
والاستمتاع بأمور كالجبال والأشجار والبحار والأنهار أمر يقصر عنه تفسير دارون الاختزالي.
وحقاً من حكمة الله عز وجل أن قيَّض أسباب التكاثر وجعل الموت والحياة سبحانه، ولكن البقاء لأجل البقاء فكرة سخيفة لا معنى لها وهي عماد التفسيرات الطبيعانية.
قال تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود} [فاطر ٢٧].