
هذه القصة انتشرت جداً الأيام الماضية، وهي كذب على أبي حنيفة، لا تصح عنه البتة، ولا تُروى عنه حتى بسند ضعيف.
وهي تتضمن اعتقاد الجهمية في أن الله عز وجل في كل مكان، هذا ظاهر مِن قول واضع المناظرة (يتَّجه النور في كل اتجاه).
وهي أشبه ما تكون بمناظرة الجهم بن صفوان للسُّمنية التي كانت سبباً في تأسيس مذهبه الضال.
قال أحمد في «الرد على الجهمية والزنادقة»: “فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة، فقال للسمني:
ألست تزعم أن فيك روحًا؟
قال: نعم.
فقال: هل رأيت روحك؟
قال: لا.
قال: فسمعت كلامه؟
قال: لا.
قال: فوجدت له حسًّا؟
قال: لا.
قال: فكذلك الله لا يرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان”.
فنسب أحمد الكلام للجهم الضال، مما يدل على أنه كلامه وليس كلام أبي حنيفة.
والله عز وجل على عرشه سبحانه، كما دلت عليه النصوص، وكما في حديث الجارية: «أين الله؟ قالت: في السماء».
وفي كتاب «الرد على الجهمية والزنادقة»: “وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان، ولا يكون في مكان دون مكان، فقل: أليس الله كان ولا شيء؟
فيقول: نعم.
فقل له: حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجًا من نفسه؟ فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال، لا بد له من واحد منها.
إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر، حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه
إن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم دخل فيهم، كان هذا كفرًا أيضًا حين زعم أنه دخل في كل مكان وحش قذر رديء. وإن قال: خلقهم خارجًا عن نفسه، ثم لم يدخل فيهم، رجع عن قوله كله أجمع، وهو قول أهل السنة”.