فجر الكذب

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

كتب صاحب صفحة آثار على فيس بوك وهي صفحة معتنية بالتاريخ المصري يتابعها 345 ألفاً: “الكلام اللي مكتوب في الصورة ده منسوب للملك تحتمس الثالث على إنه خطاب لجيشه قبل الحرب.. لكن الحقيقة إن الكلام ده مالوش أي وجود في النقوش أو البرديات المصرية القديمة.

أهم مصدر تاريخي عن تحتمس الثالث هو حولياته المنقوشة على جدران معبد الكرنك، ودي بتسجل تفاصيل حملاته العسكرية، المدن اللي فتحها، مسار الجيش، الغنائم اللي رجع بيها، وعدد الأسرى.

النصوص دي معروفة ومترجمة في كتب علم المصريات.

والنقوش دي كلها مكتوبة بالأسلوب الملكي المصري، اللي بيجمع بين العقيدة المصرية والسياسة، زي: «لقد خرجتُ بأمر آمون، فهزمت أعدائي وجعلت البلاد تحت قدميّ».. لكنها مابتحتويش أبداً على خطب أخلاقية بالأسلوب اللي في الصورة.

النص المكتوب في الصورة صياغته حديثة، وأقرب ما تكون لروح التعاليم الإسلامية وأحاديث النبي ﷺ، خصوصًا في وصاياه للجيش: «لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا تقطعوا شجرة مثمرة…» (رواه الإمام مالك وغيره).

الحضارة المصرية عظيمة ومليئة بالإنجازات اللي بنفتخر بيها، خصوصا اللي درسها.. لكن مش معنى إننا بنحبها إننا نختلق نصوص وننسبها لملوكها، أو ناخد كلام النبي ﷺ ونحرفه ونقول إن المصريين القدماء قالوه.. لأن ده فيه تزييف للتاريخ.

فالكلام اللي في الصورة مقتبس من وصايا الإسلام في الحرب، مش من النقوش المصرية.. وإحنا محتاجين نفرّق بين الفخر المشروع بالماضي، وبين اختراع نصوص مالهاش سند علشان نجمّل الصورة”.

أقول أنا عبد الله: وجدتهم نقلوا هذا الاقتباس في المواقع الأجنبية، والعجيب أنهم حين يذكرون النص بالإنجليزية يحذفون ذكر الرب.

والمعنى وإن كان مسروقاً من الإسلام، إلا أن الصياغة واضح أنها إنجيلية تشبه ما في كتاب النصارى المقدس.

وكثير ممن يظهر التعصب لما يسمى الحضارة المصرية ويحط على الإسلام يكون من أصول مسيحية أو ملحداً.

وإذا كان هذا الكلام ترونه تحضراً وأمراً عظيماً فقد سبق إليه رجل أمي وعامة البشرية ما عرفته وأصحابه فتحوا الدنيا مطبِّقين له (على تفصيل في قصة الأسير).