دل القرآن والسنة على فضل طاعة السر، فمن ذلك حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وفيه: «ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».
وقال تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} [البقرة ٢٧١].
ودلت السنة أيضاً على أن موانع الطاعة إذا كانت قويةً ودواعي المعصية قويةً، فإن ذلك أعظم لأجر فاعل الطاعة وتارك المعصية.
ولذلك في نفس الحديث تجد «وشاب نشأ في طاعة الله»، فالشاب دواعي فعله للمعصية قوية، لذلك نشأته في طاعة الله ضاعفت له الأجر.
وعكسه الأشيمط الزاني، ضوعفت له العقوبة لضعف داعي الشهوة عنده.
وفي الحديث نفسه: «ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله».
فالدعوة من المرأة ذات المنصب والجمال أفتن من غيرها، فاعتبر ذلك في مضاعفة الأجر للمستعفف.
وفي معناه حديث النبي ﷺ: «العبادة في الهرج كهجرة إلي»، رواه مسلم من حديث معقل بن يسار
والهرج الحروب والفتن، وفي مثل هذا الموضع يندر التفات الناس للعبادة.
وقال الزبير بن العوام: «من استطاع أن يكون له خبي من عمل صالح، فليفعل»، رواه النسائي في الكبرى، وأبو داود في «الزهد» بسند صحيح عنه.
إذا جمعت بين المعطيات السابقة علمت أن إخفاء الطاعات في زمن مواقع التواصل الاجتماعي مع الحث عليها إجمالاً أعظم للأجر.
وذلك أن دواعي الرياء وعرض الأعمال على الناس متوفرة بقوة لكل من عنده صفحة مطروقة.
وقد يثبطك الشيطان عن الحث على الخير بحجة الإخلاص، وذلك من أخبث مداخله، بل حثَّ على الخير وأخف طاعاتك واسأل الله الإخلاص.
ويجوز للمرء أن يتكلم بطاعته إن كانت نيته حث الناس على الخير وتقوية عزيمتهم عليها، وليس ذلك من الرياء في شيء.
وإنما الرياء عرض الأعمال تطلباً لمدح الناس.
وهناك من لا يعرض طاعات، بل يعرض دنيا أصابها يفاخر بها، فهذا إن سلم من حسد الناس ومقتهم لن يسلم من الإثم وتسلُّل الآفات المشينة إلى قلبه كالكبر والخيلاء.