
كان أهل العلم يجمعون مثل هذه القصص ويضعونها في كتب، مثل الكتب المعنون لها بـ«الفرج بعد الشدة»، وكتب «مجابو الدعوة».
فإن القصص تؤثر في الناس، وكم من إنسان قسى قلبه واستسلم للأسباب المحسوسة، فيأتي ما يوقظه ويذكِّره بسعة قدرة الله عز وجل.
ستجد في التعليقات قصصاً عديدة لأناس أيس الأطباء منهم، وعافاهم الله بما لا يشك عاقل أنها إجابة مضطر.
صدق الوعد {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} [النمل ٦٢].
ولعل أحدهم يتفذلك ويقول: إذن نغلق المستشفيات.
فيقال: لم ينكر أحد فائدة الطب، وإنما المراد أن قدرة الله فوق كل شيء.
والطب من تيسير الله، فكم من إنسان دخل عملية عادية، وكله ثقة بحذق الأطباء، فشاء الله أن يفارق الدنيا.
وكم من إنسان أيس منه الأطباء أو أوكلوا الأمر لله، وما أيس أهله من الله، فما خيب رجاءهم.
وفي ذلك عبرة وآية.
ومن رأى الفرج في حال غيره تشوف إلى الفرج في نفسه، فرحمة الله لا تضيق عن أحد.
قال تعالى: {هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} [آل عمران ٣٨].
قال الطبري في تفسيره:”أما قوله: {هنالك دعا زكريا ربه}. فمعناه: عند ذلك- أي: عند رؤية زكريا ما رأى عند مريم من رزق الله الذي رزقها، وفضله الذي آتاها من غير تسبب أحد من الآدميين في ذلك لها، ومعاينته عندها الثمرة الرطبة التي لا تكون في حين رؤيته إياها عندها في الأرض، طمع في الولد مع كبر سنه، من المرأة العاقر، فرجا أن يرزقه الله منها الولد مع الحال التي هما بها، كما رزق مريم على تخليها من الناس ما رزقها؛ من ثمرة الصيف في الشتاء، وثمرة الشتاء في الصيف، وإن لم يكن مثله مما جرت بوجوده -في مثل ذلك الحين- العادات في الأرض، بل المعروف في الناس غير ذلك”.