قال أبو نعيم في الحلية حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي، حدثنا بعض مشيخة أهل الشام، قال: كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك.
عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز أحد كبار الصالحين المنسيين أمه ابنة ملوك وأخت ملوك ونشأ في بيت ملك ومع ذلك كان من كبار الزهاد والمتقللين وكان خير معين لأبيه على صلاحه بل كان يلح على والده في طلب إقامة الحق والعدل وكثيرون فضلوه على أبيه
وقد جمع ابن رجب كتاباً في سيرته لأن حاله عجب وليكون قدوة لمثله ممن نشأ في كفاية
قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 40 – أخبرني عبد الملك الميموني ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن فرات بن سليمان ، عن ميمون بن مهران ، عن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ، قال لأبيه : يا أبت ، ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل ؟ فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك ، قال : « يا بني ، إني إنما أروض الناس رياضة الصعب، إني أريد أن أحيي الأمر من العدل ، فأؤخر ذلك حتى أخرج معه طمعا من طمع الدنيا ، فينفروا من هذه ، ويسكنوا لهذه »
هنا يستعجل والده في إقامة كل العدل ويقول له لا أبالي أن تغلي بنا القدور في ذلك ( يعني لو عذبنا في ذلك فأجرنا على الله ) ، فيجيبه والده أنه يروض الناس ويدخل عليهم العدل والسنة شيئاً فشيئاً ويضع معه شيئاً من الرخاء الدنيوي حتى يكون أقبل فقد اعتادت النفوس على عدد من صور الباطل
روى أبو بكر الآجري في كتاب “فضائل عمر بن عبد العزيز” لما دَفَن سليمان بن عبد الملك؛ خطب الناس ونزل ثم ذهب يتبوَّأ مقيلاً، فأتاه ابنُهُ عبدُ الملك فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، من لك أن تعيشَ إِلَى الظهر قال: ادنُ مني أي بني، فدنا منه والتزمه وقبل بين عينيه، وقال: الحمد لله الَّذِي أخرج من صُلْبي من يعينُني عَلَى ديني. فخرج فلم يقلْ، وأمر مناديه أن ينادي: ألا من كانت له مَظْلمَةٌ فليرفعها
قال أبو عبيد القاسم في فضائل القرآن حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ، قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَعَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَنَزَلْتُ عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْمَللِكِ بْنِ عُمَرَ، وَهُوَ عَزَبٌ، فَكُنْتُ مَعَهُ فِي بَيْتٍ، فَصَلَّيْنَا الْعِشَاءَ، وَأَوَى كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا إِلَى فِرَاشِهِ، ثُممَّ قَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْمِصْبَاحِ فَأَطْفَأَهُ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى ذَهَبَ بِيَ النَّوْمُ، فَاسْتَيْقَظْتُ، وَإِذَا هُوَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أأَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَمْتَعُونَ} [الشعراء: 206] فَبَكَى، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْتُ: سَيَقْتُلُهُ الْبُكَاءُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذذَلِكَ قُلْتُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، كَالْمُسْتَيْقِظِ مِنَ النَّوْمِ لِأَقْطَعَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَلَمَّا سَمِعَنِي، سَكَتَ فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ حِسًّا
روى الدَّوْرَقي في كتاب “مناقب عمر بن عبد العزيز” بإسناده عن حفص ابن عمر: أن عمر بن عبد العزيز جمع الناس واستشارهم في رد مظالم الحجاج.
فكان كلما استشارَ رجلاً قال له: يا أميرَ المؤمنين، ذاكَ أمرٌ كانَ في غير سلطانِكَ ولا ولايتكَ. فكان كلما قال له رجل ذلك أقامه، حتى خلص بابنه عبد الملك، فَقَالَ له ابنه عبد الملك: يا أبَهْ، ما من رجل استطاعَ أن يردَّ مظالمَ الحجاج، إِن لم يردها أن يشركه فيها. فَقَالَ عمر: لولا أنك ابني، لقلت إنك أفقهُ الناس
وقد مات قبل أبيه قال الزبير بن بكار: لما هلك عبد الملك بن عمر قال أبوه: يا بني، لقد كنتَ كما قال الله -عز وجل-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وإني لأرجو أن تكون اليومَ من الباقياتِ الصالحاتِ التي هي خيرٌ ثوابًا وخيرٌ أملاً
ومن أراد الوقوف على بقية أخباره فليراجع رسالة ابن رجب المشار إليها وقد عاش ١٩ عاما فقط