الرد على من زعم أن حديث الضحى يؤصل للبدعة الإضافية

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الحق أن صلاة الضحى مثال يعضد منهج من تسميهم (السلفية المعاصرة)، وهو منهج عامة أهل الحديث، فإنه قد ثبت عن بعض الصحابة إنكارهم لصلاة الضحى لمَّا لم يعرفوا الدليل فيها، وهذا منهج من تسميهم سلفية معاصرة.

قال البخاري في صحيحه: “1775- حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة، ثم قال له: كم اعتمر رسول الله ﷺ؟ قال: أربعا، إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه”.

قلت: صلاة الضحى سنة ثابتة عن النبي ﷺ، غير أن ابن عمر لمَّا لم يبلغه النص فيها، حكم عليها بالبدعية، مع أن أصل التطوع ثابت في الشرع، وفي هذا ردٌ بليغ على صاحب “خدعوك فقالوا” الذي زعم أن ما له أصل في الشرع لا يسمى بدعة، وإن عجبي لا يكاد ينتهي من القوم وقد أكثروا التمطق بفقه الخلاف، ثم نجدهم يعتبرون إنكار البدع (خداعاً).

قال الدارمي في مسنده: “1456- حدثنا صدقة بن الفضل، ثنا معاذ بن معاذ، ثنا شعبة، عن الفضيل بن فضالة، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، أن أباه رأى ناسا يصلون صلاة الضحى، فقال: أما إنهم يصلون صلاة ما صلاها رسول الله ﷺ ولا عامة أصحابه”.

قلت: التعليق على هذا الأثر كالتعليق على سابقه.

وأما خبر عائشة فلو رجعت لشروح من تسميهم علماء المذاهب الأربعة، لوجدت أنهم في عامتهم استشكلوا الحديث.

لأنه روي عن عائشة أنها قالت إن النبي ﷺ صلى الضحى، والخبر في مسلم (وأعله عدد من الأئمة المتقدمين، ولكن لا يتبعونهم).

وقال عدد منهم إن النفي محمول على حاله عندها، وأنها علمت أنه صلاها عند غيرها من أزواجه ﷺ، وعللت تركه للأمر عندها مع فعله عند غيرها بأنه كان يترك العمل أحياناً تخفيفاً على أمته، ولو لم يكن لصلاة الضحى أصل لما تركها تخفيفاً، مثل صلاة الليل في رمضان تركها بعد أن صلاها.

قال مسلم في صحيحه: “84- (720) حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، حدثنا مهدي وهو ابن ميمون، حدثنا واصل، مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدؤلي، عن أبي ذر، عن النبي ﷺ، أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»”.

وهناك الوصية لأبي هريرة بهذا أيضاً.

فأم المؤمنين صدقتهم وعملت بخبرهم، فكأن شخصاً استشكل أنه لم يكن يصليها عندها، فقالت إن النبي ﷺ حثهم بالقول وترك صلاتها تخفيفاً عليهم، كما فعل في صلاة الليل في رمضان، وقد روي أن الراشدين كانوا يتركون الأضحية ليعلم عدم وجوبها، فهو تركها ليعلم عدم وجوبها.

فإن المرء قد يظن من حديث أبي ذر الوجوب، لقوله: «على كل سلامى».

وهكذا عامة استدلالاتهم في تبرير البدع لا شأن لها بالباب، فهذه سنة تقريرية، فيأتيك بصحابي فعل أمراً وأقره النبي ﷺ، ويقيسه على البدع الإضافية!

أو ما ثبت عن صحابي وأقره البقية، فيكون من باب حجية قول الصاحب، فيعدها من قبيل البدع الإضافية، ويقيس هذه الأمور على المحدثات التي ظهرت عند المتأخرين من الموالد والأضرحة (والتي فيها نهي خاص) وغيرها.