
عبد الله الشريف في حلقته الأخيرة الملأى بالمغالطات استدل بحديث لا يصح.
وهو ما روى ابن حبان: “٧١٢٣- أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا أبو طاهر، حدثنا ابن وهب، أخبرني مسلم بن خالد، عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ تلا هذه الآية: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} [محمد ٣٨] قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذي إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فضرب على فخذ سلمان الفارسي ثم قال: «هذا وقومه، لو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من فارس»”.
واستشهد بتصحيح بعض المعاصرين للخبر، وأراد أن يقول للناس إن العرب قد خذلوا القضية، فاستبدلهم الله بخامنئي وشيعته، والذي كان يرى الحرب في سوريا مع بشار ضد الكفر! (أيْ ضد الذين خرجوا على بشار).
والحق أن هذه الرواية بذكر هذه الآية لا تصح.
فقد انفرد بها مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف، والمعاصرون الذين قووا الرواية استشهدوا بألفاظ أخرى ليس فيها ذكر هذه الآية، وإنما ذكر آية أخرى، وكانت الإشارة لسلمان.
قال البخاري في صحيحه: “٤٨٩٧- حدثني عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثني سليمان بن بلال، عن ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كنا جلوساً عند النبي ﷺ فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة ٣] قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه، حتى سأل ثلاثاً، وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله ﷺ يده على سلمان، ثم قال: «لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال -أو رجل- من هؤلاء»”.
وهذه رواية مسلم أيضاً، وهي تدل على نكارة رواية {وإن تتولوا يستبدل}، فإن الآية المتلوة تدل على فضل الصحابة العرب ولحوق الصحابة العجم أو التابعين العجم بهم.
ولهذا فسرها كثير من المفسرين بالعجم، لهذا هذه الرواية لا تعجب الرافضة ومن تأثر بهم، والعجيب أنه حديث أبي هريرة، وفيه: «من هؤلاء»! ومن التبعيضية، والرافضة لا يقبلون فضائل الصحابة، ويقولون: (من) في حقهم تبعيضية، فكيف لا يقولون هنا هي كذلك؟
وهناك علماء كثير كانت أصولهم فارسية تتلمذوا على الصحابة ولحقوا بهم، مثل: همام بن منبه ووهب بن منبه وطاووس وعمرو بن دينار، فهؤلاء من يتناولهم الحديث للحقوهم بالصحب الكرام، ومنهم البخاري صاحب الصحيح.
وقد تابع عبد الله بن جعفر بن نجيح مسلم بن خالد الزنجي، ولا تنفعه المتابعة لأنه متروك، ولأن روايتهم خالفت روايات الأوثق في الآية المستشهد بها.
وقال أبو نعيم في «أخبار أصبهان»: “حدثنا محمد بن جعفر المؤدب، ثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، ثنا إسماعيل بن يزيد القطان، ثنا الحسين بن حفص، ثنا إبراهيم بن محمد المدني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لما نزلت هذه الآية: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم} [محمد ٣٨] ، قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: وسلمان جالس، فقال: «هذا وقومه، والذي نفسي بيده، لو كان البِر»، أو قال: «الدين منوطاً بالثريا لناله رجل من فارس»”.
إبراهيم بن محمد هنا هو الأسلمي، شيخ الشافعي، الكذاب، روايته والعدم سواء، وهناك رواية من حديث جابر يرويها حبيب الكذاب كاتب مالك.
وهذا الاستشهاد مشهور منذ زمن.
قال محمد إسماعيل المقدم في تفسيره للقرآن: “فكان كثير من الناس يقولون: إن هذا الحديث يدل على أن الله سبحانه وتعالى راض عن الخميني، وعن ثورته، وعما عليه الرافضة في إيران، فكانوا دائماً يستدلون بهذا الحديث، وهو حديث ابن عباس: “لما نزلت هذه الآية قالوا: من هؤلاء؟ وسلمان إلى جانب النبي ﷺ فقال: هم الفرس، هذا وقومه”.
فنقول: صحيح هم الفرس، وهناك أدلة أخرى تبين ذلك، لكن من هم الفرس المعنيون؟ إنهم: أهل السنة والجماعة وليسوا أهل البدعة والضلالة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “تلا رسول الله ﷺ هذه الآية، فقالوا: يا رسول الله! من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فضرب رسول الله ﷺ على منكب سلمان رضي الله عنه ثم قال: هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس””.
فلك أن تتخيل أن الفضائل صارت تُنزَّل على المشركين أصحاب الولاية التكوينية سبابة الصحابة!