الرد على شبهتي بغض النبي ﷺ لبني أمية ومنع علي أسامة بن زيد حقه

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أقول: كيف أبغضُ الأحياء إليه وبناته كلهن عند بني أمية إلا فاطمة؟ فأبو العاص بن الربيع أموي وكذلك عثمان بن عفان.

وفي صحيح البخاري: “3825- وقال عبدان: أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري، حدثني عروة، أن عائشة رضي الله عنها، قالت: “جاءت هند بنت عتبة، قالت: يا رسول الله، ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء، أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك، قال: «وأيضا والذي نفسي بيده» قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ قال: «لا أراه إلا بالمعروف»”.

وهذا الخبر في صحيح مسلم، فالنبي ﷺ يقول لهند إنه هو أيضاً أبدله الله بغضه لهم بمحبة.

وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم﴾ [الممتحنة].

والرافضي يرى شيئاً كهذا فيحمله على بني أمية كلهم، ولو رأى مدحاً في كتاب الله للمهاجرين والأنصار فإنه يحمله على أقلِّهم، بل على عدد يسير جداً.

وأما الحديث: فقال المعلقون على المسند: “إسناده ضعيف، لجهالة حال أبي حمزة جار شعبة -هو عبد الرحمن ابن عبد الله المازني. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور.
وأخرجه الحاكم 4/480- 481 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أحمد ابن حنبل، بهذا الإسناد.
وزاد فيه: بني أمية، وصححه!
وأخرجه أبو يعلى (7421) من طريق حجاج بن محمد المصيصي، به”.

والذين وثقوا أبا حمزة اعتمدوا أمرين:

الأول: تخريج مسلم له، وهذا غلط، فإنما خرج له حديثاً واحداً متابعةً فحسب.

الثاني: أن رواية شعبة عنه ترفعه، وهذا الأصل، غير أن شعبة نفسه مقل عنه، وقد قال أبو حاتم إن شعبة شيوخه ثقات إلا عدداً منهم.

وقد نص أبو حاتم على جهالة أربعة من شيوخ شعبة، وهم أبو سلمة الواسطي وأبو داود الواسطي وأبو الحسن ومصعب.

وقد ذكر ابن أبي خيثمة رواية بسند صحيح عن شعبة أنه قال في أبي حمزة ما رأيته بالمسجد قط. وهذا جرح بالعدالة يُبيِّن أن روايته عنه تعجُّب.

وهذا الذي معنا يروى خبراً عجيباً، وقد حذف أحمد ذكر بني أمية لنكارته ومخالفته الأخبار الأخرى، وأما الهيثمي فيعتمد توثيقات ابن حبان، ولم يوثق جار شعبة معتبر، غير أن الحاكم رواه من طريق أحمد بذكرهم، ولعله وهم.

أما وقد أجبت عن هذه الشبهة الرافضية، أجيب عن شبهة ناصبية:

قال البخاري: “7110- حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال: قال عمرو: أخبرني محمد بن علي، أن حرملة، مولى أسامة أخبره -قال عمرو: قد رأيت حرملة- قال: أرسلني أسامة إلى علي وقال: إنه سيسألك الآن فيقول: ما خلف صاحبك؟ فقل له: يقول لك: «لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره» فلم يعطني شيئا فذهبت إلى حسن وحسين وابن جعفر، فأوقرئوا لي راحلتي”.

قالوا إن في هذه الرواية أن علياً منع أسامة بن زيد راتبه عقوبة له على عدم القتال معه.

وكل ذلك بنوه على قول بعض الشراح (لعله سأله من مال الله)، ثم ذكروا أخباراً في إعطاء علي لجيشه!

وقول الشارح (لعل) لا يغني من الحق شيئاً، فقد يكون سأله مالاً من ماله لما بينهم من القرابة، فأسامة كان يُعدُّ من أهل البيت، ويجوز للمرء أن يتخلف عن مثل هذه الأعطية إذا علم أن غيره سيكفيه، وفي الرواية أن الحسن والحسين وابن جعفر أعطوه وأكثروا.

وأما الحق الواجب فهو يُعطى حتى لمن تكرهه، فالعطاء عطاءان: عطاء اختياري كأن يسألك شخص صدقة أو صلة، فهذا قد تمنعه لعلمك أن الشخص ليس بتلك الحاجة أو أن غيرك سيكفيه، وهناك العطاء الواجب، وهذا يُعطى حتى لمن تبغضه.

والرواية فيها أن أسامة يُظهر الولاء لعلي، بل مضمونها أنه معترف بخلافته إذا كان يسأله حظه من الفيء.

وفي صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال: “أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل، وأدع الرجل، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي، ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، فيهم عمرو بن تغلب”.

فلو سلمت القلوب لحًمل فعل علي على هذا، غير أن البلاء أن يأتي تافه ويتطاول على رجل من أهل بدر ومن المهاجرين الأول بـ(لعل) ثم يرسم سيناريو بغيض من ذهنه على طريقة الرافضة.