أهل التخصص مهما فعلوا فلن يحصلوا مشاهداتك فليتك تأنيت قبل هذا الكلام.
الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب موافق لعامة علماء الأمة وليس الحنابلة فقط فيما شنعه على مخالفيه وكفَّرهم به.
قال شيخ الحنابلة أبو الحسن البربهاري المتوفى عام 329 هجري: “[41] ولا نخرج أحدا من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله، أو يرد شيئا من آثار رسول الله ﷺ، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله، فإذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام، وإذا لم يفعل شيئا من ذلك فهو مؤمن مسلم بالاسم لا بالحقيقة”.
تأمل تكفيره لمن يذبح لغير الله، وهذه من عمد مسائل محمد بن عبد الوهاب، لهذا تجد في الرد المنسوب لأخيه سليمان مناقشة تكفيره لمن يذبح وينذر لغير الله وتجد المجدد ينقل عن بعض الحنفية تكفيرهم لمن ينذر لغير الله.
وقال ابن الجوزي الحنبلى المتوفى عام 597 في كتابه «تلبيس إبليس»: “قال ابن عقيل لما صعبت التكاليف على الجهال والضغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم قال وهم كفار عندي بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى الشرع عنه من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليفها وخطاب الموتى بالألواح وكتب الرقاع فيها يا مولاي أفعل بي كذا وكذا وأخذ التراب تبركا وإفاضة الطيب على القبور وشد الرحال اليها وإلقاء الخرق على الشجر أقتداء بمن عبد اللات والعزى”
وعلى كثرة ما انتقد الناس على ابن عقيل وابن الجوزي ما استنكروا عليهم هذا.
قال الحجاوي في باب حكم المرتد من كتابه «الإقناع» [4/285] ت. التركي: “(قال الشيخ: أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به اتفاقا. وقال: أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا. انتهى. أو سجد لصنم أو شمس أو قمر)”.
وهذا النقل مشهور في عامة كتب متأخري الحنابلة، وهو من عمد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
بل كان يتقوى على خصومه بنصوص متأخري علماء المذهب.
قال الإمام المجدد في «رسائله الشخصية» ص126: “فإن كان الاستدلال بالقرآن عندكم هزؤاً وجهلاً كما هي عادتكم ولا تقبلونه، فانظروا في “الإقناع” في باب حكم المرتد، وما ذكر فيه من الأمور الهائلة التي ذكر أن الإنسان إذا فعلها فقد ارتد وحل دمه، مثل الاعتقاد في الأنبياء والصالحين، وجعلهم وسائط بينه وبين الله، ومثل الطيران في الهواء، والمشي في الماء. فإذا كان من فعل هذه الأمور منكم مثل السائح الأعرج ونحوه تعتقدون صلاحه وولايته، وقد صرح في الإقناع بكفره”.
وقال في ص227: “الوجه الثالث: أن تعليقهم التمائم من الشرك بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر تعليق التمائم صاحب الإقناع، في أول الجنائز، وأنت تكتب الحجب وتأخذ عليها شرطاً، حتى إنك كتبت لامرأة حجاباً لعلها تحبل، وشرطت لك أحمرين وطالبتها تريد الأحمرين. فكيف تقول: إني أعرف التوحيد، وأنت تفعل هذه الأفاعيل؟ وإن أنكرت، فالناس يشهدون عليك بهذا.
الوجه الرابع: أنك تكتب في حجبك طلاسم، وقد ذكر في الإقناع أنها من السحر، والسحر يكفر صاحبه. فكيف تفهم التوحيد، وأنت تكتب الطلاسم؟ وإن جحدت، فهذا خط يدك موجود.
الوجه الخامس: أن الناس فيما مضى عبدوا الطواغيت عبادة ملأت الأرض، بهذا الذي تقر أنه من الشرك: ينخونهم ويندبونهم، ويجعلونها وسائط، وأنت وأبوك تقولان: نعرف هذا لكن ما سألونا. فإذا كنتم تعرفونه، كيف يحل لكم أن تتركا الناس يكفرون، ما تنصحانهم، ولو لم يسألوكم؟”.
وغاية من يدعي على المجدد مخالفة الحنابلة أنه يأتي بكلام لبعضهم في مسائل التبرك والتوسل وشد الرحال مما خالفهم فيه غيرهم، وهذه المسائل المجدد ما تكلم بتكفير أحد لأجلها، بل كفَّر بدعاء غير الله، وأما التوسل فعامة السلفيين مصرحون بأن غايته أن يكون بدعة، وهو أن يقول: يا رب بجاه فلان. وأما شد الرحال فأنكره المتقدمون من الحنابلة، كابن بطة في إبانته الصغرى، وتوسع متأخرون، وأعاد ابن تيمية القول بالإنكار إلى المشهد، ولا يُكفِّرون الناس بمجرده. بل لا بد أن يقترن معه عبادة لغير الله.
وأما القتال فهو قال هم بدأونا بالتكفير والقتال، والقتال على ترك أركان الإسلام إجماع المذاهب لمن كان عنده ولاية صحيحة.
وخذ شهادة أحمد الزيني دحلان عدو الدعوة أن البدو كانوا في جاهلية قبل المجدد، يقول أحمد زيني دحلان في كتابه «الدرر السنية في الرد على الوهابية»: “والحاصل أنه –أي الشيخ محمد بن عبد الوهاب- لبَّس على الأغبياء ببعض الأشياء التي تُوهمهم بإقامة الدين، وذلك مثل أمره للبوادي بإقامة الصلاة والجماعة ومنعهم من النهب، ومن بعض الفواحش الظاهرة كالزنا واللواط، وكتأمين الطرق والدعوة إلى التوحيد، فصار الأغبياء الجاهلون يستحسنون حاله وحال أتباعه”.
فهذا معناه أنهم كانوا تاركين للصلاة وبقية الأركان.
وهنا رابط حلقة الدكتور أحمد عيد في الرد على ألشخانجي: