التعليق علي الازهر فى مولد البدوي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

هذه صورة من مولد البدوي وقد اجتمع فيه بلاء عظيم من الخرافات والشركيات، ويأتي هؤلاء بلا نكير، بل وبإقرار لهذا البلاء.

قال السفاريني في «غذاء الألباب شرح منظومة الآداب» [2/314]: “قال الإمام ابن عقيل: أنا أبرأ إلى الله -تعالى- من جموع أهل زماننا في المساجد والمشاهد ليالي يسمونها إحياء، لعمري إنها لإحياء أهوائهم.
وإيقاد شهواتهم.
قال في الآداب: وهذا في زمانه الذي بيننا وبينه نحو ثلاثمائة سنة.
قال: وما يجري بالشام ومصر والعراق وغيرها من بلاد الإسلام في المواسم من المنكرات في زماننا أضعاف ما كان في زمانه فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قلت: وهذا الذي قاله ابن مفلح في آدابه في زمانه، وهو -رضي الله عنه- قد توفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة، فما بالك بعصرنا هذا الذي نحن فيه وهو في المائة الثانية عشر، وقد انطمست معالم الدين، وطفئت إلا من بقايا حفظة الدين، فصارت السنة بدعة، والبدعة شرعة، والعبادة عادة والعادة عبادة.
فعالِمهم عاكف على شهواته، وحاكمهم متماد في غفلاته، وأميرهم لا حلم لديه، ولا دين، وغنيهم لا رأفة عنده، ولا رحمة للمساكين، وفقيرهم متكبر، وغنيهم متجبر.
مطلب: متصوفة زماننا وما يفعلونه من المنكرات.
فلو رأيت جموع صوفية زماننا، وقد أوقدوا النيران، وأحضروا آلات المعازف بالدفوف المجلجلة، والطبول والنايات والشباب، وقاموا على أقدامهم يرقصون ويتمايلون، لقضيت بأنهم فرقة من بقية أصحاب السامري وهم على عبادة عجلهم يعكفون.
أو حضرت مجمعا وقد حضره العلماء بعمائمهم الكبار والفراء المثمنة، والهيئات المستحسنة، وقدموا قصاب الدخان، التي هي لجامات الشيطان، وقد ابتدر ذو نغمة ينشد من الأشعار المهيجة
فوصف الخدود والنهود والقدود، وقد أرخى القوم رءوسهم ونكسوها، واستمعوا للنغمة واستأنسوها، لقلت وهم لذلك مطرقون: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون.
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وكل هذا بالنسبة لطائفة زعمت العرفان يهون.
فإنهم مع انكبابهم على الشهوات، وارتكابهم المعاصي وانتحالهم الشبهات، يزعمون الاتحاد والحلول، ويزعمون أنهم الطائفة الناجية، وأنهم هم الأئمة والفحول.
ولقد صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق كما في صحيح البخاري من حديث أنس -رضي الله عنه- «لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه سمعته من نبيكم -صلى الله عليه وسلم».
والله الموفق”.

وقد توفي السفاريني قبل قرابة الثلاثمائة عام، وأنقل كلامه لأنه مرضي عند القوم.

ولاحظ أن السفاريني يذكر حضور عمائم السوء لتلك الموالد آنذاك، وما زال هذا دأبهم.

وقال محمد تقي الدين الهلالي في «سبيل الرشاد» [1/542]: “ويحسن هنا أن أذكر حكاية عجيبة ذكرها الشعراني في الطبقات الكبرى وهي أن الاحتفال بموسم أحمد البدوي المدفون في طنطا يختلط فيه الرجال والنساء ويقع بينهم الزنا، فتصدى أحد العلماء للإنكار عليهم” ثم ذكر تتمة في أن هذا العالم عوقب بعظمٍ غص فيه في طعامه!

ثم قال الهلالي: “ولا تظن أيها القارئ أن وقوع الزنا عند قبر البدوي خبر مبالغ فيه أو كذب، فقد أخبرني أخو الشيخ حسن عبد الرحمن من كبار العلماء المعاصرين لمحمد عبده ومن خيار السلفيين أخبرني أن … زنى بامرأة عند قبر البدوي فلما زرناه قال: أخبر محمد تقي بما فعلته عند قبر البدوي ليزداد يقيناً”.

والشرك ودعاء الأموات أعظم من الزنا، فلو لم يقع الزنا فالشرك والخرافة كافيان بإنزال السخط، فرحم الله امرأً أنكر هذا واشتد في إنكاره.