الاستثمار والفوائد المغفول عنها (كم من جبل ينتظر أهل العلم؟)

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البخاري في صحيحه: “1410- حدثنا عبد الله بن منير، سمع أبا النضر، حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل»”.

والخبر في صحيح مسلم.

كثير من الناس في زماننا لمَّا ظهرت البنوك يقولون: أضع مالي في البنك وأستفيد من الفوائد، أو يقولون: أضع مالي عند شخص يستثمر في رأس المال ويعطيني الأرباح.

ولا يدرون أن مثل هذه الفوائد موجودة في الشرع على وجه جائز، لا ربا فيه، ومثل هذا الاستثمار موجود على وجه لا مخاطرة فيه.

في هذا الحديث أن المرء لو تصدق بـ«تمرة» فإن ربَّ العالمين ينميها له ويثمرها، حتى يجدها يوم القيامة كمثل الجبل وهي تمرة.

وشرط ذلك الإخلاص.

وما أكثر ما يتقاعس الناس عن الصدقة، بحجة أنها قليلة ولا تغني شيئاً، فجاء هذا الحديث قاطعاً لهذه الشبهة.

والقليل إذا تراكم كثر جداً.

وهذا في صدقة المال فما بالك بصدقة العلم؟ كأن يعلم المرءُ الناس التوحيد والسنن و«كل معروف صدقة»، وما يحفظ الأديان خير مما يحفظ الأبدان.

وقد ورد في الحديث: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا».

فربما علَّم الشخص شخصاً سنةً عن رسول الله ﷺ فكانت كتلك التمرة المباركة، فعمل بها هذا الشخص وعلَّمها لمن يعمل بها، وهكذا يتسلسل الأمر، حتى يصير الأمر كأمثال الجبال.

هذا حتى لا تحقر من المعروف شيئاً، خصوصاً في مواقع التواصل.