روبرت جرين كاتب أمريكي شهير له كتاب 48 قانون للقوة وطبع باسم قواعد للسيطرة هذا الكتاب من أكثر مبيعاً ومما جاء هذا الكتاب تحت عنوان في الحث على سحق الأعداء وألا تأخذك بهم رحمة :” ليس من الصدفة أن يأتي المثالان اللذان يصوران هذه القاعدة من الصين فالتاريخ الصيني مليء بالقصص عن أعداء تم تركهم أحياء وعادوا لينتقموا من الذين تساهلوا معهم كانت العقيدة الاستراتيجية الأساسية لصن تسو في القرن الرابع قبل الميلاد في كتابه فن الحرب ( اسحق أعداءك ) والمغزى من وراء ذلك بسيط أعداؤك يتمنون لك الشر ، وليس شيء أحب إليهم من التخلص منك وإن حاربتهم ثم توقفت في منتصف أو حتى ثلاثة أرباع الطريق بسبب الرحمة أو الرغبة في التصالح معهم تكون قد شددت من عزمهم ومن شعورهم بالمرارة ضدك فيعودون للانتقام منك يوماً منك ، قد تراهم في مرحلة ما يعاملونك بود لكن سبب ذلك أنك هزمتهم وأنه ليس لديهم خيار سوى الانتظار حتى تأتي اللحظة المناسبة
الحل هو ألا تأخذك رحمة بأعدائك ، اسحقهم ولا تبق لهم شيئاً كما يريدون أن يسحقوك ففي النهاية لن تحظ بالأمن والسلام من أعدائك إلا بالقضاء عليهم
عرف ماوتسي تونج أهمية هذه القاعدة بعد أن قرأ كتاب فن متعمقة في عام 1934 لجأ ماو مع جيش من 750 ألف جندي مسلحين تسليحاً خفيفاً إلى منطقة جبلية في غرب الصين هرباً من جيش شيانج كاي شيك الذي يتفوق عليهم بكثير ، وقد أطلق على هذا التحرك من وقتها اسم الزحف الطويل
كان شيانج عازماً على التخلص نهائياً من الشيوعيين وبعد سنوات لم يتبق مع ماو سوى 100 ألف جندي وفي عام 1937 حين بدأ احتلال اليابان للصين ظن شيانج أن الشيوعيين لم يعودوا يشكلون تهديداً فتوقف عن مطاردتهم وركز على اليابانيين وبعد عشر سنوات تعافت قوة الشيوعيين من جديد لتسحق جيش شيانج نسي شيانج القاعدة القديمة بأن يسحق عدوه لكن ماو لم ينسها فلاحق جيش شيانج الذين فروا إلى تايوان ولم يعد لنظامه أي بقايا أو امتداد إلى اليوم
حكمة سحق العدو مذكورة أيضاً في الكتاب المقدس ولعل أول من طبقها النبي موسى هي قاعدة تلقاها من الرب نفسه حين أمره باقتحام البحر الأحمر لتخليص اليهود ثم ترك الماء ليغرق جيش فرعون الذي كان يطاردهم لم يبق منهم رجل واحد وحين عاد من جبل سيناء بألواح الوصايا ووجد الناس يعبدون العجل الذهبي ذبح كل من ارتكب هذا الاثم وأمر أتباعه عند موته وكانوا على وشك دخول الأرض الموعودة أنهم حين يهزمون قبائل كنعان : أن أبيدوهم جميعاً ولا تقطعوا معهم عهداً ولا تأخذكم بها رحمة “
لا حظ هذا الكاتب الغربي الكبير يقرر أنه لا يحسن الرأفة أو الرحمة بالأعداء بل لا بد من البطش ويستدل بنصوص دينية والكتاب متداول ولا يتهم صاحبه بأي تهمة تحط من قدره ولا الكتاب المقدس الذي استدل بنصوصه علماً أنه في عبادة العجل ذكر ما يشبه حد الردة عندنا بل أبلغ فحد الردة لا يطبق على التائب ، وتأمل أن هذا الكلام قد يقرأه كثيرون باقتناع تام حتى إذا ذكر لهم ما فعل بمجرمي بني قريظة انقبض ! ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه يوم فتح مكة ينقض على هذا الرجل دعاويه المطلقة وإن كانت فيها واقعية وتلزم في بعض الأحيان