ما يسمى بـ(الحقد الطبقي) من أهم المواضيع التي يقف معها المرء المهتم بصلاح قلوب الناس، وفي الإسلام لا يوجد حث على الصدقة فحسب، بل يوجد وضع تربة خصبة للصدقة (من محبة الغني للفقير واحتسابه في ذلك وحرصه على الإخفاء)، وإزالة للأعشاب الضارة (من المن والأذى).
ومن أعجب الأحاديث في هذا الباب ما روى البخاري في صحيحه: “1413- حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عاصم النبيل، أخبرنا سعيد بن بشر، حدثنا أبو مجاهد، حدثنا محل بن خليفة الطائي، قال: سمعت عدي بن حاتم رضي الله عنه، يقول: كنت عند رسول الله ﷺ فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة، والآخر يشكو قطع السبيل، فقال رسول الله ﷺ: «أما قطع السبيل: فإنه لا يأتي عليك إلا قليل، حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير، وأما العيلة: فإن الساعة لا تقوم، حتى يطوف أحدكم بصدقته، لا يجد من يقبلها منه، ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له: ألم أوتك مالا؟ فليقولن: بلى، ثم ليقولن ألم أرسل إليك رسولا؟ فليقولن: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة»”.
هذا الحديث رواه البخاري مرة واحدة بهذا التمام.
لاحظ أن النبي ﷺ ذكر أنه سيأتي زمان لا يوجد فيه من يقبل الصدقة، لعموم الغنى في الناس، ثم بيَّن النبي ﷺ الخسارة العظيمة في مثل هذا، حين ذكر أهمية الصدقة يوم القيامة وأن فيها النجاة.
إذا استوعب الغني هذا المعنى فإنه سينظر للفقير على أنه (مشروع نجاة في الآخرة)، فإنه عندئذٍ سيحب إعطاءه، ويعلم أنه متصدق على نفسه بصورة المتصدق على الغير.