يتحولون إلى نازيين إذا تعلق الأمر بالـ إجهاض

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

يتحولون إلى نازيين إذا تعلق الأمر بالإجهاض

قرأت بعض تبريرات صبيان الحداثة والنسويات للإجهاض في الغرب وفرح الناس به فرثيت لهم لأنهم يهدمون بنيانهم بأيديهم فكل التبريرات المشار إليها تنسف أفكارهم في أبواب أخرى

أولاً التبرير الفاضح لضعف المرأة ووهن الغرب:

تجدهم يقولون أن المرأة لا يمكنها تربية الطفل أو أنه سيعيش مشردا أو سيعيش في أسرة مشتتة إذن يجوز قتله

وهذا التبرير يُبين أن المرأة في الغرب مع تحررها المزعوم وخروجها للعمل ووجود دول يصورها الناس على أنها جنان على الأرض لا يمكنها تحمل مسئولية تربية طفل وتؤثر قتله على ذلك لأنها محتاجة إلى رجل ولأن النظام الرأسمالي يستغلها ولا يعطيها الكفاية وأن شتات الأسرة في الغرب وعاداتهم الجنسية المنفتحة جعلهم يعتبرون مجرد ولادة مولود في ظروف معينة ( وهي كثيرة ) كارثة ومصيبة يتم الإجهاز عليها عن طريق قتل نفس بريئة فَلَو كانت النساء هناك في كفاية أو الحكومات الإنسانية أو المرأة في كفاية لما ضرها أن يولد مولود لها وإن لم يكن له والد حاضر كما أنها ستتعايش مع الأمر اذا تزوجت رجلا ومات وهي حامل مثلا

ثم إنهم دائما يزعمون أن مشكلة اختلاط الأنساب التي نزعمها في الزنا محلولة عند الغرب بالموانع ولكن هذه الواقيات فشلت تماما في الحماية من الحمل غير المرغوب به حتى أجهض ملايين الأطفال

ثانياً التبرير النازي: يقولون أن قتل هذا الطفل لكي لا يعيش حياة بائسة

سبحان الله الغرب الجميل صارت ولادة الانسان فيه كارثة يحمى منها ! إذن النظام العالماني ليس كل شيء بل لا بد من أسرة وانضباط أخلاقي على المستوى الفردي وهذا ما فشل فيه القوم لذا يقتلون أولادهم

ثم هل اطلعتم على الغيب ؟ ثم لماذا تقررون عنه وهل السعادة مفصلة على مقاييسكم ؟

وهذه عين حجة الجاهليين في الوأد فرد الله عليهم : وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا.

وإذا كان من غلب على ظننا أنه سيتعذب في حياته فلنقتل ذوي الاحتياجات الخاصة من كانوا يسمون بالمعاقين أو باللفظ القديم ( الزمنى ) ويوجد قتل رحيم لن يؤلمهم هذا أحسن من المعيشة المؤلمة أليس كذلك ؟

حسنا لقد استخدم النازيون هذه الحجة لقتل ( الزمنى ) وإن كانوا قالوا بأنهم لا يفيدون المجتمع ويكلفونه المقدمة فيها نوع اختلاف لكن النتيجة واحدة ويمكن أن يأتي نازي ويستخدم حجة القوم نفسها

ثالثاً التبرير الأبوي:

عامة المؤسسات النسوية تضج مما تسميه مؤسسات أبوية ومنها المؤسسة الدينية ( إلا الرأسمالية فهي تفخر أن تكون جارية فيها ) بحجة أنها تفرض على الناس ما هو الصواب وما هو الخطأ وربما تعاقب ،وبهذا التعريف هُن مؤسسة أبوية أيضا ولا يكففن عن التوجيه والانتقاد

غير أن الإجهاض من أعظم الأفعال الأبوية اذ تقول المرأة أنا أملك هذا الجنين وأنا أحدد ان كان سيعيش أم لا وليس فقط ما هو الصواب والخطأ في أفعاله وكل من يبرر هذا هو يؤسس للأبوية المرفوضة عند غلاة الليبراليين

رابعاً التبرير المتأثر بنزعة الخطيئة الأصلية: في عقيدة النصارى أن كلنا مدانون بخطيئة آدم وأن الإله تجسد وصلب ليكفر عنا هذه الخطيئة فعوقب البريء على خطيئة الانسان التي لم يعملها وإنما عملها آدم هنا حملت وازرة وزر أخرى

وهذا النفس تجده في تبريراتهم فتجدهم يقولون الولد سيعيش كذا وكذا فما الحل أن يقع عليه هو العقوبة والأم تنجو !

وبعضهم يقولون أنتم تقتلون الزانية ( مع أننا إنما نرجم المحصن والمحصنة بذنب فعلوه ولو لم يكن في ذنبهم سوى خطيئة الإجهاض لكان الأمر مبررا ) وأما أنتم فتقتلون الطرف الذي لم يذنب ( بأي ذنب قتلت )

النبي الكريم لما جاءته زانية محصنة وقد حملت ما رجمها حتى أرضعت الولد وفطمته ثم طبق عليها الحد والولد عاش حياة سليمة في مجتمع سوي لا يختلف شأنه عن شأن من ماتت أمه بقصاص أو مرض وعلم أن فعلها كان كفارة لما جنت

خامساً التبرير المغالط المنبطح: يقول لك أنتم تقتلون وتقتلون ويأتي لقتلنا في جنايات وإذا المجتمع الغربي لم يتضرر بقتله لملايين المواليد الأبرياء في نظرك فهل سيتضرر مجتمعنا بقتل أو جلد بعض الجناة الذين إنما تثبت جنايتهم في سياق قضائي وأعدادهم قليلة في العادة نسبيا

ثم لماذا إذا تكلم الغرب في حقوق الإنسان لا يواجهون بنفس هذه النبرة فيقال لهم أنتم تصنعون الأسلحة ليل نهار وتبيعونها وتاريخهم معروف وتقصفون الأبرياء ثم تأتون وتتكلمون في ملفات هي أهون ألف مرة من جرائمكم ؟

سادساً التبرير الدارويني: وهذا أسخف التبريرات ألا وهي أن الجنين ليس بشرا كاملا لذا يجوز قتله مثل قتل الحيوانات ولَك أن تتصور أن بعضهن تزعم أنها نباتية ثم تقرر هذه الحجة وقد رأيت هذا بعيني وهذا مع سخفه اذ لو طردنا الطريقة الداروينية لبررنا التمايز بين الأعراق ولكان فضل الذكر على الأنثى مسألة على الأقل خلافية معتبرة لأن تفاضل الكائنات مسألة محسومة وإنما البحث في فروعها والتباين البيولوجي بين الذكر والأنثى ظاهر ثم هم يبررون حتى الإجهاض في الأشهر المتأخرة وبعض البيولوجيين ادعى أن الطفل الرضيع لا يختلف عن خنزير إذن لنبرر قتله هو الآخر وكل عاقل يعرف الفرق بين الحيوان وجنين الانسان ولو سلمنا أنه حيوان صغير تنزلا فبعد قليل سيصير إنسانا كاملا

وهذا التبرير لا يقوم إلا على المادية المحضة وهي نقيض ما يسمونه إنسانية إذ في السياق المادي لا يوجد شيء اسمه عقوبة قاسية فتعبيرات ( قاسية ) و( لينة ) عاطفية محضة والمهم الأثر المادي النهائي والفكر المادي المحض لا يعترف بالإرادة الحرة بل كان ما نراه طبيعي لأنه ضمن القوانين الطبيعية

وبقي أن نقول أن الإجهاض مختلف فيه عند الغربيين ولا يوجد ما يفصل فيه فمنهم من يجيزه مطلقا ومنهم من يجيزه بضوابط ومنهم من يعتبره جريمة.