يبشرني زميلي المصري المدخن أنه يفكر بقطع التدخين

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

يبشرني زميلي المصري المدخن أنه يفكر بقطع التدخين وقال لي أن ذلك لأسباب اقتصادية لأنه ينفق 60 ديناراً على الدخان شهرياً

يعني ما يزيد على 180 دولاراً وما يعادل 3500 جنيها تقريباً ( وقد أخبرني أحد الأخوة أن الطبيب في الحكومة في مصر يأخذ راتباً 3000 جنيهاً )

وكم رأيت من مغترب من الأخوة المصريين _ أو غيرهم _ على شدة حاجته وعظيم شوقه لأهله يشرك هذا الدخان الخبيث بقوت عياله فيكون لهم حصة وله حصة ولو وفر هذا المال لكان أسرع لانتهاء غربته عن أهله

حتى أن أحدهم أخبرني في ساعة صفاء أنه ترك الكويت وعاد إلى مصر ليستقر هناك ولكن ولده الصغير مرض بمرض خطير ولم يستطع أن يغطي مصاريف العلاج إلا بالعودة إلى الكويت

وقد كان مدخناً شرهاً ولم يقف مع نفسه وقفة يخلص فيها إلى أن هذا المال الذي يؤذي به نفسه ولده المريض أولى به ، وكان يطالب بزيادة له مستحقة في الراتب أخذت منه ظلماً ولكنه كان ينقص نفسه بنفسه عن طريق الانفاق على هذا البلاء حتى أصيب بأزمة قلبية أجبرته على الإقلاع عن هذا البلاء

ولك أن تتخيل أن المرء وهو يرى كل يوم من هذه الحوادث تتفاجأ بشخص يبيح هذا البلاء ببحث ضعيف فقهياً جداً صاحبه يعاني من مشاكل أخلاقية تجعلك تنفر من كلامه وإن كان فيه بعض حق فكيف وهو باطل محض

ولكن لاحظ أن أبحاث إباحة التدخين أقل بكثير من أبحاث إباحة المعازف مع وجود أدلة خاصة في موضوع المعازف وذلك أن التدخين تكلم بخطره الغربيون فسلم لهم كثيرون وضعفت الكثير من الهمم عن الحديث عن إباحته أو كراهته فقط وسلموا لما قاله الغربيون ثم صار تكفيهم بعض العمومات للاقتناع بتحريمه شرعاً ، وأما في القضايا التي لم يسلم الغربيون ضررها المادي بل تراهم يقبلون عليها فكل يوم ينزل بحث في نصرة إباحتها وتكلف الاستدلال لذلك والحط على منع من أئمة الإسلام تصريحاً أو تلميحاً وحتى لو كان الأمر إجماعاً أو شبه إجماع ،

وإنما ينتهض للبحث في إباحة التدخين من عظم مقصد النكاية والمناكفة في نفسه ولم يصبر على بريق الشهرة ولو بمثل هذا ولا يكون كسب الحجام خبيثاً ثم لا نقول في شهرة بنيت على مثل هذا أنها خبيثة.