وكأنهم يتحدثون عن دعاة نعرفهم

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص151
:” كان الوعاظ في قديم الزمان علماء فقهاء وقد حضر مجلس عبيد بن عمير عبد
الله بن عمر رضي الله عنه وكان عمر بن عبد العزيز يحضر مجلس القاص ثم خست هذه
الصناعة فتعرض لها الجهال فبعد عن الحضور وعندهم المميزون من الناس وتعلق بهم
العوام والنساء فلم يتشاغلوا بالعلم وأقبلوا على القصص وما يعجب الجهلة وتنوعت
البدع في هذا الفن “

وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص153
:” ومن القصاص من يخلط في مجلسه الرجال والنساء وترى النساء يكثرن

الصياح وجدا على زعمهن فلا ينكر ذلك عليهن
جمعا للقلوب عليه ولقد ظهر في زماننا هذا من القصاص ما لا يدخل في التلبيس لأنه
أمر صريح من كونهم جعلوا القصص معاشا يستمحنون به الأمراء والظلمة والآخذ من أصحاب
المكوس والتكسب به في البلدان وفيهم من يحضر المقابر فيذكر البلى وفراق الأحبة
فيبكي النسوة ولا يحث على الصبر “

وقال العلامة حمود التويجري في غربة
الإسلام (1/77) :” ومعنى الحديث -والله أعلم- أن العلم يتحول في آخر الزمان
عند الفُسَّاق والمردان السفهاء، ونحوهم من السفل والأراذل الذين لا يؤبه لهم،
وليسوا من رعاة العلم الذين يحترمونه ويصونونه عما يدنسه ويشينه، فيستهان بهم ويستهان
بالعلم لأجلهم، فلا يقبل منهم ولا يستمع لقولهم.

وأيضا فإنهم من أعظم الأسباب لترك الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لإتيانهم المنكرات، وإنكارهم على من أنكر عليهم شيئا
منها بالشبه والمغالطات، كما هو الواقع من كثير منهم في هذه الأزمان، فلا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم، ألا ترى إلى حالة أكثرهم في هذه الأزمان وما هم عليه
من أنواع الفسوق والعصيان؟ فبعضهم يحلق لحيته ويتشبه بأعداء الله من المشركين
والنصارى والمجوس، وبعضهم ينتفها نتفا وذلك أقبح من الحلق؛ لأن فيه زيادة تشويه
للخلقة، وكل من الحلق والنتف مُثلة قبيحة، وكثير منهم يشربون الدخان الخبيث المسمى
بالتتن ويدمنون شربه، وقد ثبت أنه من المسكرات كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله
تعالى، وأما خبثه فلا يمتري فيه عاقل، وكثير منهم يتهاونون بالصلاة ويضيعونها ولا
يبالون بها، وسواء عند بعضهم صلاها في جماعة أو وحده، أو في وقتها أو بعده، حتى إن
بعضهم يعكف على أم الملاهي الراديو أكثرليله، ثم ينام عن صلاة الفجر فلا يصليها
إلا بعد ارتفاع النهار، وبعضهم يترك صلاة العشاء مع الجماعة إيثارا للعكوف على
الراديو، وربما ترك حضور الجمعة لذلك، فأكثرهم لا يزال عاكفا على أم الملاهي في أكثر
أوقاته، يستمع إلى المحرمات من غناء المغنيات ونغمات البغايا المتهتكات وأنواع
المزامير والمعازف، أو إلى الاستهزاء بالقرآن وقراءته بألحان الغناء والنوح، أو
إلى قيل وقال وخطب أعداء الله وهذيانهم، فما أشبه العاكفين عليه بالذين اتخذوا
عجلا جسدا له خوار، وكثير منهم يتخذون الساعات التي فيها الموسيقى المطربة، وكثير
منهم يشترون المُصوَّرات ويقتنونها ولا يلتفتون إلى أمر النبي r بطمسها ولطخها، وكثير منهم يلعبون بالأوراق
المسماة بالجنجفة ويقامرون عليها وذلك من الميسر المحرم، وقد مرّ عليّ t على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه
التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها. رواه
ابن أبي حاتم، واللاعب بالجنجفة أولى أن يشبه بالعاكفين على التماثيل؛ لأن أكثر
أوراقها تماثيل، فاللاعب بها كالعاكف على التماثيل، وكثير منهم يلعبون بالكرة وهي
من شر الأشر، وقد روى البخاري في الأدب المفرد من حديث البراء بن عازب -رضي الله
عنهما- قال: قال رسول الله r:
«الأشرة شر»، قال أبو معاوية أحد رواته: الأشر: العبث، وفيها من اللهو والصد عن
ذكر الله وعن الصلاة ما لا يخفى على عاقل، والمقامرة عليها من الميسر المحرم، وكثير
منهم يصفقون في المجتمعات والأندية عند التعجب واستحسان المقالات فيتشبهون في ذلك
بكفار قريش وبطوائف الكفروالضلال في زماننا من الإفرنج وغيرهم من أعداء الله
تعالى، ويتشبهون أيضا بالنساء لكون التصفيق من أفعالهن في الصلاة إذا ناب الإمام
شيء فيها”

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم