جاء في روضة الطالبين للنووي :” وعد صاحب (الإفصاح) من يقول بخلق القرآن، أو ينفي شيئا من صفات الله تعالى – كافرا. وكذا جعل الشيخ أبو حامد، ومتابعوه، والمعتزلة ممن يكفر. والخوارج لا يكفرون. ويحكى القول بتكفير من يقول بخلق القرآن عن الشافعي”
ثم نقل النووي قول من لا يكفرون المعتزلة مثل القفال واختاره ومال إليه بقوة ( وهو خطأ مخالف لاتفاق السلف في شأن القائلين بخلق القرآن وقد ناقشت كلامهم في دروس أصول السنة )
غير أن الذي أريد أن أقف عنده هنا
من هو صاحب الإفصاح هذا ؟ وما دلالة كلامه وما فيه من الرد على الأشعرية خصوصاً المتأخرين منهم
قال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى :” الحسين بن القاسم الإمام الجليل أبو على الطبرى
صاحب الإفصاح
له الوجوه المشهورة فى المذهب وصنف فى أصول الفقه وفى الجدل وصنف المحرر وهو أول كتاب صنف فى الخلاف المجرد
تفقه على أبى على بن أبى هريرة وسكن بغداد وتوفى بها سنة خمسين وثلاثمائة”
فهو من متقدمي الشافعية وقوله ( ينفي شيئاً من الصفات ) نكرة في سياق شرط تفيد العموم يعني من نفى أي صفة وواضح من كلامه لا يفرق بين صفة وصفة مخالفا لطريقة الأشعرية والكل متفق أنه يشير بكلامه إلى المعتزلة ومعلوم أن المعتزلة ينفون بالتأويلات وليس نفياً مجرداً ولداعي اعتقاد أن ظواهر النصوص تشبيه
وهذا أمر اشترك به معهم المنتسبون للأشعري وشدة إنكاره على من ينفي يدل على أنه يثبت فلو كان مذهبه التوقف ( التفويض ) لما اشتد عنده الخطب مع أهل التأويل ( النفاة ) والقرن إنكاره على النفاة بالإنكار على أهل الإثبات
وهذا يدلك على أن متقدمي الشافعية على خلاف ما فشى في كثير من متأخريهم وإن كان فيهم العديد ممن جانب طريقة التعطيل
ولو قلنا أنه أخطأ في إطلاق التكفير فذلك لا ينفي التثريب الشديد على المخالف وكون ما قاله في الصفات الظاهرة المتواترة له حظ عظيم من النظر عند كل من نظر بإنصاف وتجرد من الدواعي الخارجية
ولا يهولنك هذا الكلام فأهل التعطيل كانوا ولا زالوا شرذمة قليلة في الأمة عقائدهم عصية على الفهم عند عامة الناس ولهم من ذلك شكاية كبيرة في كتبهم والحق حق كثر القائلون به أو قلوا والإنكار على أهل التعطيل هو سلوك عامة أئمة السلف الذين أهل التعطيل أنفسهم يقتدون بهم في الفقه والحديث والسلوك