( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون )
هذه الآية تتردد في ذهني منذ بداية هذا اليوم وداعي ذلك أنه لما مات محمد شحرور كان بعض الناس يتهم المانعين من الترحم عليه بأنهم تكفيريون لأنهم يكفرون شحروراً وهو يشهد الشهادتين
ثم لما ماتت الملحدة نورهان نصار وجدنا من يترحم عليها مع أنها ألحدت وأكفرت نفسها بنفسها وبمفهوم الدفاع عن محمد شحرور بأنه يتلفظ بالشهادتين يكون غير المتلفظ لا يستحق المعاملة بتعامل المسلمين ، ولكننا اكتشفنا أن ذلك الاستدلال هو محض إنسانونية مقنعة تأخذ من الشريعة ما يناسبها وتطرح ما لا يناسب ولهذا تجد من دافعوا عن شحرور بأنه متأول إما سكتوا عن الترحم على الملحدة وإما كانوا من ضمن المترحمين إلا قلة قليلة فعلم أن حديثهم عن إسلام شحرور كان مجرد تطويل للبحث لأنك لو كنت صادقاً في تعظيم أمر الشهادتين بحيث أنك تترحم على كل متلفظ بها ولو أنكر المعلومات من الدين بالاضطرار فالواجب أن ينعكس هذا التعظيم في الحرص ألا يعامل منكر الشهادتين كما يعامل المتكلم بهما وتنكر بشدة على الطرف المسوي بينهما في الترحم كما أنكرت على الطرف المسوي بينهما في عدم الترحم ( والتسوية وجيهة كما يسوى بين أصحاب مسيلمة وكفار قريش فهم وإن وجد بينهما فروق إلا أنهم اتفقوا على إنكار المعلوم من الدين بالاضطرار ) ولكنك تنكر على الأخير فقط لأنه خالف الإنسانوية هذا هو واقعك
وظهرت في هذه المدة اعتذارات وأبحاث عجيبة مثل التفريق بين الترحم على الكافر والاستغفار له ! فيمنع من الثاني ويباح الأول ، ومثل قولهم لعله رجع لعله تاب وبلعله هذه يريدون أن يعاملوه كما يعامل المسلم الموحد المتبع
ثم لما نفق قاسم سليماني مجرم الرافضة الذي لا يختلف الناس إجرامه في العراق والشام وغيرها من البلدان لم نجد كبير حماس للترحم عليه كما شحرور مع أنه متلفظ بالشهادتين ولم يظهر الاعتذار له بكونه قد يكون تاب وأن رحمة الله واسعة ووسعت كل شيء وأنه لا يوجد أحد بيده مفاتيح الجنة والنار وغيرها من عباراتهم
بل لما مات رافضي مشهور بالمجون عندنا في الكويت ممن يسمونهم ب( الفنانين ) وكان كثير من الناس يترحم عليه تحمس عدد من الباحثين للحديث عن إعذار الرافضة وهو يتكلم عن رافضي ماجن أقام على الشرك نصف قرن في مجتمع يكثر فيه التسنن وإنكار بدع الرافضة ، ولكن هؤلاء الباحثين لن تجد عندهم الحماس نفسه في الكلام على قاسم سليماني بالنفس نفسه مع أنك ستجد في تعليقات العامة على وفاته تكفيراً بل وشهادة عليه بالنار لن يتحمس كبير أحد لمقاومة هذا الذي اعتبر غلواً في حال شحرور أو نورهان نصار أو ذاك الماجن الرافضي الكويتي لأنه باختصار مجرم في المقاييس الإنسانوية مع إشراكه فلا بأس أَن نخلده في النار لأجل هذا الشرك ثم نخرج غيره ممن يشركه بهذا الشرك من النار إذا كان جيدا معنا ففي حقيقة أمرنا خلدناه في النار لكونه مجرما في المقاييس الإنسانوية ثم اتخذنا أمر الشرك ترسا نبرر فيه موقفنا شرعًا
وهنا أتذكر طرفة فهذا عدنان إبراهيم وهو من أظهر من يلفق بين الإنسانوية والإسلام وهما نقيضان فالإنسانوية تأليه للإنسان وفي الإسلام لا إله إلا الله ، لما تكلم عدنان في خطبة له عن يزيد بن معاوية كفر يزيد وأخرجه من الملة وقرر أن القاتل خالد مخلد في النار ورفض الأقوال التي خلاف ذلك
فلما خطب خطبة عن أحمد زويل وحاول الاعتذار له عما فشا عنه من كونه تعاون مع دولة الكيان الصهيوني قال أن هذا ذنب ومذهب أهل السنة أنهم لا يكفرون بالذنوب !
وهكذا أهواء تتلاطم وتقنع بقناع الشريعة كل واحد يجعل هواه هو المركز ثم يذهب يستدل لهذا الهوى بما يناقض إجماع المسلمين أو يجعله يعيش تناقضات مفضوحة لكل عاقل