فإن مما ينتشر في بعض كتب التراجم المتأخرة أن زيد بن علي ( الذين ينتسب
إليه الزيدية ) أخذ عن واصل بن عطاء ، وهذه دعوى عارية عن الدليل
فأقدم من ذكرها الشهرستاني وقد نقضها ابن الوزير
قال ابن الوزير في العواصم (5/308) :” وأما ما نقله محمد بن عبد الكريم
بن أبي بكر المعروف بالشهرستاني في كتابه ” الملل والنحل ” من كون زيد بن
علي قلَّد واصل بن عطاء، وأخذ عنه مذهب الاعتزال تقليداً، وكانت بينه وبين أخيه الباقر
عليهما السلام مناظراتٌ في ذلك، فهذا من الأباطيل بغير شكٍّ، ولعله من أكاذيب الروافض،
ولم يورد له الشهرستاني سنداً ولا شاهداً من رواية الزيدية القدماء، ولا من رواية علماء
التاريخ، ولا الشهرستاني ممن يُوثَقُ به في النقل، وكم قد روى في كتابه هذا من الأباطيل
المعلوم بطلانها عند أئمة هذا الشأن؟ وكيف يُقَلِّده زيد مع أن زيداً أكبر منه قدراً
وسناً، فإن واصلاً وُلِدَ سنة ثمانين، وزيد عليه السلام تُوفي سنة مئة؟! ولو كان الشهرستاني
كامل الصرفة والإنصاف لذكر مع ما ذكره ما هو أشهر منه في كتب الرجال، وتواريخ العلماء،
وأئمة السنة، وفي ” الجامع الكافي ” ثم ذكر الراجح من النقلين، وقواه بوجوه
الترجيح.
والظاهر أنه اقتصر على نقل كلام بعض الروافض ولم يشعر بغيره. والله أعلم”
والتحقيق أن زيد بن علي في سن واصل بن عطاء ، وبقية الكلام جيد في نقض
هذه الدعوى
وقال محماس الجلعود في كتابه الموالاة والمعاداة :” ونحو المعتزلة
حيث إن زيد بن علي تتلمذ على يد واصل بن عطاء مؤسس مذهب الاعتزال في الأسماء والصفات
“
وهذا غلط إذ لم يعرف عن زيد ولا واصل القول بالتعطيل الذي يقول به المعتزلة
الذين تأخروا عن عمرو بن عبيد من إنكار الرؤية وإثبات الأسماء بدون صفات ، ولعل واصلاً
كان يقول بالقدر
قال الإمام أحمد في الرد على الجهمية ص97:” ستدرك حجة مثل حجة زنادقة
النصارى، وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح الذي في عيسى هو روح الله من ذات
الله، فإذا أراد أن يحدث أمرًا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه، فيأمر بما يشاء
وينهى عما يشاء، وهو روح غائبة عن الأبصار.
فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة، فقال للسمني:
ألست تزعم أن فيك روحًا؟
قال: نعم.
فقال: هل رأيت روحك؟
قال: لا.
قال: فسمعت كلامه؟
قال: لا.
قال: فوجدت له حسًّا؟
قال: لا.
قال: فكذلك الله لا يرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له رائحة، وهو
غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان. ووجد ثلاث آيات من المتشابه:
وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} .
{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ}
فبنى أصل كلامه على هذه الآيات، وتأوَّل القرآن على غير تأويله، وكذب بأحاديث
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه
أو حدث عنه رسوله كان كافرًا، وكان من المشبهة، فأضل بكلامه بشرًا كثيرًا، وتبعه على
قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة، وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة “
فقول الإمام أحمد ( وتبعه رجال من أصحاب عمرو بن عبيد ) يدل على أن عمرو
نفسه ما كان يقول بمذهب جهم هذا وما عرف عنه إنكار ولا إنكار الرؤية ، وعمرو هو تلميذ
واصل ما يقال فيه يقال في شيخه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم