فقد اشتهرت عند المتكلمين في السير النبوية قصة إعراض المراضع عنه صلى
الله عليه وسلم لأنه لم يكن له أب ، وإقبال حليمة السعدية عليه والواقع أن هذه القصة
على شهرتها لا تثبت
قال ابن حبان في صحيحه [ 6335
]:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا
بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَلِيمَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعْدِيَّةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ قَالَتْ:
خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ
بِمَكَّةَ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ لَمْ تُبْقِ شَيْئًا،
وَمَعِي زَوْجِي، وَمَعَنَا شَارِفٌ لَنَا، وَاللَّهِ مَا إِنْ يَبِضُّ عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ
مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي صَبِيٌّ لِي إِنْ نَنَامَ لَيْلَتَنَا مِنْ بُكَائِهِ مَا فِي
ثَدْيَيَّ مَا يُغْنِيهِ
فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ
تَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَتَأْبَاهُ، وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ الرَّضَاعَةِ مِنْ وَالِدِ
الْمَوْلُودِ، وَكَانَ يَتِيمًا
وَكُنَّا نَقُولُ: يَتِيمًا مَا
عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمُّهُ بِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا
أَخَذَتْ صَبِيًّا غَيْرِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا وَقَدْ
أَخَذَ صَوَاحِبِي
فَقُلْتُ لِزَوْجِي: وَاللَّهِ
لَأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنَّهُ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخَذْتُهُ
وَرَجَعْتُ إِلَى رَحْلِي، فَقَالَ زَوْجِي: قَدْ أَخَذْتِيهِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ وَاللَّهِ،
وَذَاكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ
فَقَالَ: قَدْ أَصَبْتِ، فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خَيْرًا،
قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ
إِلَّا أَنْ جَعَلْتُهُ فِي حِجْرِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيِي بِمَا شَاءَ اللَّهُ
مِنَ اللَّبَنِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبَ أَخُوهُ – يَعْنِي ابْنَهَا – حَتَّى
رَوِيَ، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا بِهَا حَافِلٌ فَحَلَبَهَا
مِنَ اللَّبَنِ مَا شِئْنَا، وَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ، وَبِتْنَا
لَيْلَتَنَا تِلْكَ شِبَاعًا رُوَاءً، وَقَدْ نَامَ صِبْيَانُنَا
يَقُولُ أَبُوهُ يَعْنِي زَوْجَهَا:
وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ أَصَبْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً، قَدْ
نَامَ صَبِيُّنَا، وَرَوِيَ
قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْنَا، فَوَاللَّهِ
لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ: وَيْحَكِ كُفِّي
عَنَّا، أَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَتَانِكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا؟
فَأَقُولُ: بَلَى وَاللَّهِ، وَهِيَ
قُدَّامُنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ حَاضِرِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ،
فَقَدِمْنَا عَلَى أَجْدَبِ أَرْضِ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ
إِنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونَ أَغْنَامَهُمْ إِذَا أَصْبَحُوا، وَيَسْرَحُ رَاعِي غَنَمِي
فَتَرُوحُ بِطَانًا لَبَنًا حُفَّلًا، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا هَالِكَةً،
مَا لَهَا مِنْ لَبَنٍ
قَالَتْ: فَنَشْرَبُ مَا شِئْنَا
مِنَ اللَّبَنِ، وَمَا مِنَ الْحَاضِرِ أَحَدٌ يَحْلُبُ قَطْرَةً وَلَا يَجِدُهَا،
فَيَقُولُونَ لِرِعَائِهِمْ: وَيْلَكُمْ أَلَا تَسْرَحُونَ حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي
حَلِيمَةَ، فَيَسْرَحُونَ فِي الشِّعْبِ الَّذِي تَسْرَحُ فِيهِ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ
جِيَاعًا مَا بِهَا مِنْ لَبَنٍ، وَتَرُوحُ غَنَمِي لَبَنًا حُفَّلًا
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي شَهْرٍ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ
شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ، فَبَلَغَ سَنَةً وَهُوَ غُلَامٌ جَفْرٌ
قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى أُمِّهِ،
فَقُلْتُ لَهَا، وَقَالَ لَهَا أَبُوهُ: رُدِّي عَلَيْنَا ابْنِي، فَلْنَرْجِعْ بِهِ،
فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ قَالَتْ: وَنَحْنُ أَضَنُّ شَيْءٍ بِهِ
مِمَّا رَأَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ
قَالَتْ: فَلَمْ نَزَلْ حَتَّى
قَالَتِ: ارْجِعَا بِهِ، فَرَجَعْنَا بِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ، قَالَتْ:
فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وَأَخُوهُ يَوْمًا خَلْفَ الْبُيُوتِ يَرْعَيَانِ بَهْمًا
لَنَا، إِذْ جَاءَنَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ: أَدْرِكَا أَخِي
الْقُرَشِيَّ، قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ، فَأَضْجَعَاهُ، وَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا
نَشْتَدُّ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعٌ لَوْنُهُ، فَاعْتَنَقَهُ
أَبُوهُ وَاعْتَنَقْتُهُ
ثُمَّ قُلْنَا: مَا لَكَ أَيْ
بُنَيَّ؟
قَالَ: أَتَانِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَانِي،
ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي، فَوَاللَّهِ، مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا
قَالَتْ: فَاحْتَمَلْنَاهُ، وَرَجَعْنَا
بِهِ، قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَى هَذَا الْغُلَامَ إِلَّا
قَدْ أُصِيبَ، فَانْطَلِقِي، فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ
مَا نَتَخَوَّفُ
قَالَتْ: فَرَجَعْنَا بِهِ، فَقَالَتْ:
مَا يَرُدُّكُمَا بِهِ، فَقَدْ كُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَيْهِ؟
قَالَتْ: فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّا كَفَلْنَاهُ، وَأَدَّيْنَا
الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا، ثُمَّ تَخَوَّفْنَا الْأَحْدَاثَ عَلَيْهِ
فَقُلْنَا: يَكُونُ فِي أَهْلِهِ،
فَقَالَتْ أُمُّهُ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا وَخَبَرَهُ،
فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا خَبَرَهُ، قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتَمَا
عَلَيْهِ، كَلَّا وَاللَّهِ، إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، أَلَا أُخْبِرُكُمَا عَنْهُ
إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ، فَلَمْ أَحْمِلْ حَمْلًا قَطُّ، كَانَ أَخَفَّ عَلَيَّ، وَلَا
أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي
حِينَ وَضَعْتُهُ، أَضَاءَتْ لَهُ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، ثُمَّ وَضَعْتُهُ،
فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَهُ بِالْأَرْضِ، رَافِعًا
رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، دَعَاهُ وَالْحَقَا بِشَأْنِكُمَا.
قال في ضعيف موارد الظمآن :” ضعيف – انظر التعليق.
* [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى] قال الشيخ: هو الحافظ أبو
يعلى الموصلي، وقد أخرجه في «مسنده» (13/ 93 / 7163) … بإسناده ومتنه هنا، وصرَّح
ابن إسحاق بالتحديث في «سيرة ابن هشام» (1/ 172)، لكنَّه شكَّ فقال: عن عبد الله بن
جعفر بن أبي طالب، أو عَمَّن حدَّثه عنه، قال … ؛ فذكره.
فلم تَطمئن النفسُ لاتصاله، ولا سيَّما وجهمٌ هذا مجهول الحال؛ لم يُوَثِّقْهُ
غير ابن حبان (4/ 113)، وقال الذهبي في «الميزان» وغيره: «لا يُعرف»”
وهذا الخبر محتمل في السيرة والله أعلم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم