اعلم رحمك أن جماعة من السلف لم يعدوا سورة براءة وسورة الأنفال من السبع
الطوال خلافاً للمتبادر إلى الأذهان في عدها ، بل عدوا سورة يونس بدلاً منها
قال أبو عبيد في فضائل القرآن 336 – حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر
، عن سعيد بن جبير ، في قوله : ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال :
هي السبع الطول : البقرة وآل عمران
والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس .
قال : وقال مجاهد : هي السبع الطول .
حدثني أبو اليمان ، عن أبي بكر
بن عبد الله بن أبي مريم ، عن مكحول ، عن عطية بن قيس ، مثل قول سعيد بن جبير سواء
إلا أنه قال : والتي يقال لها يونس . قال : وهي السابعة .
وحدثني هشام بن إسماعيل ، عن محمد
بن شعيب ، قال : أخبرني أبو محمد القارئ شداد بن عبيد الله في السبع الطول مثل ذلك
.
قال : وأخبرني يحيى بن الحارث الذماري في السبع الطول مثل ذلك .
قال : وإن يونس تسمى السابعة . قال : وقال يحيى : ليست تعد الأنفال ولا
براءة من السبع الطول
وهذا إسناد قوي إلى سعيد بن جبير ومجاهد وهما من كبار تلاميذ ابن عباس
ومن كبار مفسري التابعين
وتابعهم على هذا شداد بن عبيد الله ويحيى بن الحارث الذماري
وقال أحمد في مسنده 399 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا
عَوْفٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي الْفَارِسِيَّ، قَالَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ
لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ
قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ
إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ،
فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا – قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: بَيْنَهُمَا
– سَطْرًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ
الطِّوَالِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟
قَالَ عُثْمَانُ إِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ
يُنْزَلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ
الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ، يَقُولُ: ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ
الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا
وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ
فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا
وَكَذَا وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ
فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ
فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا
وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ
مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، فَكَانَتْ قِصَّتُهَا
شَبِيهًة بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، وَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ ثَمَّ
قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ
وفي هذا الخبر ينص ابن عباس على أن الأنفال من المئين ( يعني ليست من المثاني
الطوال ) وقوله ( وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ) يعني بين السبع الطوال
وليست منهن لتنصيصه أنها من المئين وهي ما يلي السبع المثاني سميت بذلك لأن كل سورة
منها تزيد على المائة أو تقاربها
غير أن المعلقين على المسند ضعفوا هذا السند بيزيد الفارسي وزعموا جهالته
وبقي التنبيه على أن قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي)
عامة المفسرين على أنه في الفاتحة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم