إنك لو سألت أزهرياً جهمياً يسير على خطى أحمد الطيب عن الوهابية لقال
: هؤلاء خوارج يكفرون المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله ويصلون ويصومون لأنهم
يستغيثون بالأولياء
وقد صنف الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب كتابه العظيم ( كشف الشبهات
) نقضاً لهذا الهذيان
ولكن الواقع أن المناهج الأزهرية فيها تكفير لمن يشهد أن لا إله إلا الله
ويصلون ويصومون ويحجون إذا خالف مقالاتهم الذي تناقض الأدلة النقلية والنظر العقلي
الصحيح
من مذهب الأشاعرة نفي تأثير الأسباب وأن الفاعل هو الله وحده فليست النار
التي تحرق وليس فيها قوة الإحراق وإنما الله عز وجل هو الذي يحرق والنار إنما هي صورة
وهذا هو التوحيد !
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة (3/ 931) :” التوحيد الثالث توحيد
القدرية الجبرية وهو إخراج أفعال العباد أن تكون فعلا لهم وأن تكون واقعة بكسبهم أو
إرادتهم بل هي نفس فعل الله فهو الفاعل لها دونهم فنسبتها إليهم وأنهم فعلوها مناف
للتوحيد عندهم “
وقد أثبت الله عز وجل التأثير للأسباب فقال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي
الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)
وقال الله تعالى : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ
وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)
والآن مع موقف الأزهريين من مخالفهم في هذه المسألة
قال الباجوري في شرح جوهرة التوحيد :” عليه فمن اعتقد أن شيئاً من
الأسباب العادية يؤثر بطبعه فلا نزاع في كفره، وإن كان يعتقد حدوث الأسباب العادية،
وأنها ليست مؤثرة بطبعها، وإنما الله تعالى خلق فيها قوة، هي التي تؤثر، فهو فاسق مبتدع،
ومن اعتقد حدوث الأسباب وأنها لا تؤثر بطبعها ولا بقوة جعلها الله فيها، وإنما المؤثر
هو الله تعالى، لكن التلازم بينها وبين ما قارنها عقلي لا يمكن تخلفه، فهذا جاهل بحقيقة
الحكم العادي وربما جره ذلك إلى الكفر، بأن يجحد بعث الأجساد لأنه خلاف المعتاد، وكذلك
المعجزات”
فهنا يكفر من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويصومون
ومن بدع الأشاعرة إيجاب النظر والقول بفسق أو كفر المقلد ( الذي لا يعرف
الأدلة الكلامية )
قال الباجوري في شرح جوهرة التوحيد :” أما من عرفها بالتقليد فقد
اختلف فيه، والصحيح أنه مؤمن عاص، إن قدر على النظر، وغير عاص إنّ لم يقدر على النظر.
وقيل: إنه كافر، وجرى على هذا السنوسي في شرح الكبرى وشنع على القول بكفاية التقليد،
لكن حكي عنه أنه رجع إلى القول بكفايته”
فهذا يكفر المقلدة وإن صلوا وصاموا
قال ابن حجر في فتح الباري (1/31) :” وَقَدْ نَقَلَ الْقُدْوَة أَبُو
مُحَمَّد بْن أَبِي جَمْرَة عَنْ أَبِي الْوَلِيد الْبَاجِيّ عَنْ أَبِي جَعْفَر السِّمْنَانِيّ
– وَهُوَ مِنْ كِبَار الْأَشَاعِرَة – أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَة
مِنْ مَسَائِل الْمُعْتَزِلَة بَقِيَتْ فِي الْمَذْهَب ، وَاَللَّه الْمُسْتَعَان
“
وقال الهروي في ذم الكلام 1273 – سمعت أحمد بن الحسن أبا الأشعث يقول:
((قال رجل لبشر بن أحمد أبي سهل الإسفراييني: إنما أتعلم الكلام لأعرف
به الدين. فغضب وسمعته قال: أوكان السلف من علمائنا كفاراً؟!)).
أقول : على قول السنوسي نعم !
وما أحسن ما قال محمد بن حسين الفقيه في الكشف المبدي ساخراً من ابن جرجيس الذي أنكر تكفير عباد القبور وكفر من يثبت التأثير للمخلوق :” وقد حكم العراقيّ بأنّ دعوى الاستقلال كفر بالاتّفاق، وعلى قول غلاة عبّاد القبور: مصدر التّصريف عنهم يستقلّون به؛ لأنّ الوكيل يستقلّ بتدبير ما وُكّل إليه، وحينئذٍ فإذا لم يعرف العبادة ومسألة النّزاع؛ كيف يجادل عن قوم جزم بكفرهم وحكى عليه الاتّفاق؟! فالرّجل مخلّط لا يدري ما يقول!
وأمّا قوله: «ولا يخطر ببال مسلم جاهل فضلًا عن عالم» ؛ فيقال: أين العَنقاء لُتطلب، وأين السّمندل ليُجلب؟! إذا صحّ الإسلام لم يرغب أهله إلى دعاء غير الله من العبّاد والأوثان والأصنام.
وأمّا قوله: «بل ليس هذا خاصًّا بنوع الأموات؛ فإنّ الأحياء وغيرهم من الأسباب العاديّة ـ كالقطع للسّكين، والشّبع للأكل، والرّي، والدفء ـ لو اعتقد أحد أنّها فاعلة [ذلك] بنفسها من غير استنادها إلى الله يكفر إجماعًا» :
فيُقال: إذا كان إسناد الفعل إليها استقلالًا يكفر فاعله إجماعًا، وهي من الأسباب العاديّة التي أودع الله فيها قوّة فاعلة؛ فكيف لا يكفر مَن أسند ما لا يقدر عليه إلَّا الله ـ من إغاثة اللهفات وتفريج الكربات وإجابة الدّعوات ـ إلى غير الله من الصّالحين أو غيرهم، وزعم أنّها وسائل، وأنّ الله وكّل إليهم التّدبير كرامة لهم؟! هذ أولى بالكفر وأحقّ به ممن قبله.
ويُقال للعراقيّ: أنتَ لا ترضى تكفير أهل القبور لاحتمال العذر والشّبهة، وأنّه شرك أصغر يثاب مَن أخطأ فيه؛ فكيف جزمتَ بكفر مَن أسند القطع للسّكين من غير إسناد إلى الله؟؟!! وما الفرق بين مَن عذرتَه وجزمتَ بإثابته، وبين مَن كفّرته وجزمتَ بعقابه؟؟؟! ليست إحدى المسالتين بأظهر من الأخرى، وما يُقال من الجواب فيما أثبتَه من الكفر يُقال فيما نفيتَه:
يومًا بحُزوي ويومًا بالعقيق … وبالعُذيب يومًا ويومًا بالخُليصاء”
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم