هل إطباق الناس على العمل بالشيء دليل على مشروعيته ؟

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد وقفت على رسالة «تحقيق القول في سنة
الجمعة» للإمام برهان الدين إبراهيم ابن القيم وهو ابن الإمام ابن القيم الإمام
الجبل المعروف , تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فألفيتها رسالة
عظيمة النفع على صغر حجمها , على ما اعتدناه من هذه الأسرة الطيبة , ووجدت فيها
كلاماً نفيساً حول أن إطباق الناس على العمل بالشيء أو

على ترك إنكاره , لا يكون دليلاً على
مشروعيته , إذا كان ذلك في الأعصار المتأخرة وسبقه خلاف السلف.

قال الإمام برهان الدين ابن القيم رحمه
الله في ص 43 من الرسالة المذكورة : ومنها – يعني أدلة المعترض – : قوله وعلى ذلك
عمل الناس , حتى لو أدعي الإجماع الفعلي على هذه السنة لما بعد، كما هو مشاهد , فهو
فعل الخلف عن السلف، فيا لله العجب، لو كان ما ادعيته صحيحاً , من كون عمل الناس
على ذلك , هل يكون هذا العمل رافعاً للخلاف المستقر , في هذه المسألة ؟

وهل إطباق الناس على العمل بالشيء أو على
ترك إنكاره دليل على مشروعيته , فضلاً عن أن يكون دليلاً على استحبابه وتأكده ؟

وهؤلاء الناس كما تشاهدم الآن مطبقين على
القراءة بالأحان واستماعها , وعلى الأذان المحلن , وعلى زخرفة المساجد , واتخاذ
المحاريب فيها , وعلى اتخاذ المساجد على القبور , وعلى غير ذلك من الأمور التي
وردت السنة بذمها وإنكارها , فهل ذلك دليل على مشروعيتها ؟

ثم إطباقهم على إهداء ثواب القراءة إلى
الميت , وملازمتهم لفعله , وترتيبهم الأوقاف والأرزاق عليه , أمر شاع في الآفاق , أفترى
ذلك دليلاً على المشروعية ؟

إلى أن قال رحمه الله : وأما إدعاءه أن
هذا فعل الخلف عن السلف : فإقدام على القول بلا علم , وهو لا يستطيع أن ينقل وجود
هذا الفعل الذي يفعله الناس الآن عن أهل القرن السادس أو الخامس , فضلاً عن أن
ينقل وجوده في واحد من القرون الثلاثة المشهود لهم بالأفضلية، ولا يلزم من شهرة
العمل بين الناس أن يكونوا تلقوه عن فعل السلف , بل قد يحدث كثير من البدع ويشتهر
حتى يظن أنها سنة , وهذا السفاح لما استخلف فصلى العيد قبل الخطبة , خرج الناس من
أبواب المسجد وهم ينكرون ذلك , ويقولون غير السنة ! هذا مع قرب عهد الصحابة رضي
الله عنهم، فكيف مع بعد العهد ودروس آثار السنن .اهـ

أقول: فتأمل رحمني الله واياك هذه الشكاية
المشجية من هذا الإمام السني وتلك البدع التي ذكرها مع الأسف لازال لها وجود قوي
في بلدان المسلمين وإن كانت قد انحسرت في بعض البلدن بفضل الله ثم بفضل الأئمة
المجددين كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والد الإمام المذكور وأئمة
الدعوة النجدية ومن سار على دربهم ولم يتعصب لزلة زلها واحد منهم مخالفا بقية
إخوانه

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم