هجر الشافعي لمن رد قول الصحابي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه
ص133 ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قُلْتُ لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ: ” مَا تَقُولُ فِي
رَجُلٍ قُتِلَ، وَلَهُ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، هَلْ لِلأَكَابِرِ أَنْ
يَقْتُلُوا دُونَ الأَصَاغِرِ؟ فَقَالَ: لا “.

فَقُلْتُ لَهُ: فَقَدْ قَتَلَ الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنَ مُلْجَمٍ، وَلِعَلِيٍّ أَوْلادٌ صِغَارٌ؟
فَقَالَ: أَخْطَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ.

فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا كَانَ جَوَابٌ
أَحْسَنُ مِنْ هَذَا اللَّفِظِ؟ ! قَالَ: وَهَجَرْتُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ

فهنا احتج الشافعي بفعل الحسن بن علي _ رضي
الله عنه وعن أبيه _ فدفع ذلك المريسي وغلط الحسن فهجره الشافعي

والصحابي لا يصلح دفع قوله إلا إذا خالفه
من هو مثله ويتم الترجيح بين أقوالهم بالبينات لا التشهي أو يكون قد خالف نصاً
بيناً صريحاً ولا يكون محض توهم معارضة

فكيف لو أدرك الشافعي من يرد أقوال
الصحابة التي تواطؤا عليها وما وقع بينهم فيها الخلاف

كقولهم بأن طلاق العبد مرتين وعدة الأمة
حيضتين

وكقولهم بأن الصلاة المغرب لا تعاد

وكمن ينكر على مذهبهم في المنع من بيع
المصاحف أو يؤوله بالتأويلات البعيدة

وكيف لو رأى من يدفع أخبارهم في الغيبيات
بحجة أنها إسرائيليات حتى  لو وافقهم عليها
التابعون ولا يعلم عن السلف خلافها حتى وصل الأمر إلى رد خبر علي في هاروت وماروت
وخبر ابن مسعود في خطيئة داود

وكيف بمن خالف عقيدة السلف في الصفات
وسفههم وقد نص ابن تيمية في التسعينية على أن الجهمية الأشعرية سبوا السلف بما لم
تسبهم بهم الرافضة الأولى والخوارج الأولى

وذلك أن أولئك طعنوا في عدالتهم والجهمية
طعنوا في معرفتهم بالله رب العالمين وسفهوا من اعتقاد السلف ونسبوه للمجسمة

ونظير هذا من يتهم السلف بظلم أهل الرأي (
اتهاماً مبطناً ) ويبدع من يأخذ بمقالتهم في أهل الرأي وينسبه للفتنة فهذا حقيقة
قوله الإزراء على السلف وما أكثر إزراءهم على السلف مع انتحالهم لهم كذباً وزوراً

وقد نص أبو يعلى على أن إجماع التابعين لا
يرفع إجماع الصحابة في حال المخالفة

واليوم تدفع إجماعات السلف المتتابعة في
تكفير الجهمية وتبديع أهل الرأي والظاهرية بدعوى إجماعات متوهمة لبعض المعاصرين
ولا حقيقة لها 

قال عبد الله بن أحمد في السنة 336 – حدثني أبو الفضل ، حدثني مسعود بن خلف ، حدثني إسحاق بن عيسى ، حدثني محمد بن جابر ، قال : سمعت أبا حنيفة ، يقول : « أخطأ عمر بن الخطاب فأخذت كفا من حصى فضربت به وجهه »

مسعود متروك غير أنه توبع ، ومن خالف عمر ليتبع الصديق كما في مسألة ميراث الجد مع الأخوة وتأدب باللفظ لا ذم عليه ، وما أورد عبد الله هذا الخبر في سياق مثالب أبي حنيفة إلا لأنه يرى ذلك مثلبة 

قال أبو يعلى في العدة (4/1156) :” وكذلك
نقل أبو عبد الله القَواريري – كاتب أبي هاشم – قال: “سمعت أحمد يذاكر رجلاً،
فقال له الرجل: قال عطاء، فقال: أقول لك: قال ابن عمر، تقول: قال عطاء، من عطاء،
ومن أبوه؟”

عطاء بن أبي رباح من كبار فقهاء التابعين
غير أن الإمام أحمد غضب لما جعلوا قوله معارضاً لقول عبد الله بن عمر

واليوم يجعل من لا يساوي عشر فضل عطاء
معارضاً لقول الصحابة والتابعين والله المستعان

واليوم تأتي في مسألة أهل الرأي وأبي
حنيفة بقول سفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك وأحمد ابن حنبل وابن عيينة
والحمادين

فيعارض بكلام بعض من تأخر عنهم ممن لا
يساويهم في العلم والفضل ومعهم الجرح المفسر والمعاصرة والبلدية في بعضهم

غير أن الهوى إذا استحكم خولفت كل القواعد
العلمية

والكلام ذو شجون واللبيب بالإشارة يفهم
وأما البليد فلا حيلة لي به

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم