قال ابن حزم الظاهري في كتابه الفصل في
الملل والنحل :” وَقَالَت أَيْضا هَذِه الطَّائِفَة المنتمية إِلَى الأشعرية
أَن كَلَام الله تَعَالَى عز وَجل لم ينزل بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على
قلب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا نزل عَلَيْهِ بِشَيْء آخر هُوَ
عبارَة عَن كَلَام الله تَعَالَى وَأَن الَّذِي نَقْرَأ فِي الْمَصَاحِف وَيكْتب
فِيهَا لَيْسَ شَيْء مِنْهَا كَلَام الله وَأَن كَلَام الله تَعَالَى الَّذِي لم
يكن ثمَّ كَانَ وَلَا يحل لأحد أَن يَقُول إِنَّمَا قُلْنَا إِن الله تَعَالَى لَا
يزايل الْبَارِي وَلَا يقوم بِغَيْرِهِ وَلَا يحل فِي الْأَمَاكِن وَلَا ينْتَقل
وَلَا هُوَ حُرُوف موصلة وَلَا بعضه خير من بعض وَلَا أفضل وَلَا أعظم من بعض
وَقَالُوا لم يزل الله تَعَالَى قَائِلا لِجَهَنَّم {هَل امْتَلَأت} وقائلاً
للْكفَّار {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} وَلم يزل تَعَالَى قَائِلا لكل مَا
أَرَادَ تكوينه كن
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا كفر مُجَرّد
بِلَا تَأْوِيل وَذَلِكَ أننا نسألهم عَن الْقُرْآن أهوَ كَلَام الله أم لَا فَإِن
قَالَ لَيْسَ هُوَ كَلَام الله كفرُوا بِإِجْمَاع الْأمة وَإِن قَالُوا بل هُوَ
كَلَام الله سألناهم عَن الْقُرْآن أهوَ الَّذِي يُتْلَى فِي الْمَسَاجِد وَيكْتب
فِي الْمَصَاحِف ويحفظ فِي الصُّدُور أم لَا فَإِن قَالُوا لَا كفرُوا بِإِجْمَاع
الْأمة وَإِن قَالُوا نعم تركُوا قَوْلهم الْفَاسِد وقروا أَن كَلَام الله
تَعَالَى فِي الْمَصَاحِف ومسموع من الْقُرَّاء ومحفوظ فِي الصُّدُور كَمَا يَقُول
جَمِيع أهل الْإِسْلَام”
هنا ابن حزم ينقل الإجماع على كفر
الأشاعرة في مقالتهم في القرآن وينفي عنهم التأويل مع كونه من أكثر توسعاً في
العذر
وليس هو وحده من نقل هذا الإجماع بل نقله
أبو نصر السجزي من أهل الحديث
قال السجزي في الرد على من أنكر الحرف
والصوت وهو يرد على الأشاعرة :” ومنكر
القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاءومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر
كافر بإجماعهم، ومدعي قرآن لا لغة فيه جاهل غبي عند العرب”
وقد نقل حرب الكرماني الإجماع على تكفير
اللفظية والواقفة وهم خير من الأشعرية في باب القرآن
وصرح ابن أبي العز أن قول الأشاعرة في
القرآن أكفر من قول المعتزلة وسبقه إلى ذلك ابن القيم ومعلوم إجماع أهل السنة على
تكفير المعتزلة
فكيف إذا أضفنا إلى هذا كفريات أخرى
كإنكار العلو والصفات الفعلية والحكمة والتعليل ونصرة مقالة جهم في الإيمان
وبعض الجهلة يأتي إلى بعض أفراد الأشاعرة
ويقول ( لم يكفره أحد )
والذي كفر الأشاعرة ككل لا يحتاج إلى أن
يفصل في كل واحد فيهم فلو بحثت في أفراد المعتزلة واحداً واحداً لوجدت بعض الرؤوس
فيهم لا يوجد من يكفره بالتنصيص عليه اكتفاء بالنص العام في المعتزلة وكونهم
يخالفون في مسائل ظاهرة
وإلا لو بحثت عمن كفر ابن النعمان المفيد
والكليني وغيرهم لن تجد نصاً قديماً على تكفير واحد من هؤلاء بعينه اكتفاء بالنص
العام في الرافضة
ولا يقاس على هذا أبداً رجل سني سليم
المعتقد في الجملة سكت عليه أهل السنة لزلة احتملوها منه مع مقدرتهم على الكلام
فيه وإنما يحثنا في أهل الأهواء الخلص
وقد نقل الساجي الخلاف في تكفير أبي حنيفة( والظاهر أن ذلك من أجل رد الأحاديث أو القول بخلق القرآن )
فكيف بهؤلاء وقد قالوا مقالات لو أدركها
أبو حنيفة لكان مكفراً لهم، وقد كفر ابن حزم الباقلاني وابن فورك وهما خير ممن جاء بعدهما
وقد كان المجد ابن تيمية يشهد على المعتزلة والأشاعرة بالنار وينكر على من لا يقول ذلك
وقد حكم عبد الوهاب الوراق بزندقة يعقوب
بن شيبة المحدث وما أنكر عليه أحد فكيف بمن ينكر العلو
وبعض الناس يكون السكوت لعدم معرفة حاله
أو تصور مقالته فقد احتج ابن جرجيس بابن حجر وأنه روى البردة فأنكر ذلك الشيخ عبد
الله أبو بطين محسناً الظن بابن حجر والواقع أن ابن جرجيس ما كذب وأن ابن حجر يروي
البردة ويعتد بها بل هو نفسه له استغاثات بالنبي في ديوانه الشعري
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم