قال محمد بن إسماعيل الصنعاني في رسالته في الحبس في التهمة المطبوعة ضمن رسائله الفقهية ص184 :” وأما النعمان بن بشير فلهم كلام فيه أيضاً قال العلامة الكبير محمد بن إبراهيم الوزير _ رحمه الله _ في كتابه قبول البشرى : النعمان بن بشير كان من المستمرين على حرب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ووالده مع معاوية ويزيد ، ولم يزل مع معاوية ثم مع يزيد وتولى حمص ليزيد ثم كان زبرياً والقول بخلافة يزيد من أبعد البعيد بعد قتله الحسين “
إلى أن قال الصنعاني :” انتهى كلام السيد محمد ويريد أن النعمان كان صغيراً في عصره صلى الله عليه وسلم وكثير من يشترط طول الصحبة “
أقول : هذا الكلام في الطعن في النعمان بن بشير وأبيه لا يستغرب من الصنعاني فإن له قصيدة في سب معاوية وكان يقول بفضل علي على جميع الصحابة ويصفه ب( الوصي ) كما في كتابه ثمرات النظر وقال بأن التشيع الغالي واجب
هذا مع قوله بقول المعتزلة في خلق أفعال العباد وذبه عن عمرو بن عبيد ونصرته مذهب الجهمية الواقفة كما في رسالتيه الأنفاس اليمانية ، وإيقاظ الفكرة
ورده على ابن تيمية في مسألة العلو ورده عليه في مسألة شد الرحال في رسالة مستقلة ، وثنائه على الهادي الزيدي الجهمي وقوله عنه ( عليه السلام ) مع ظاهرية بينة في تصانيفه
وانتصر في كتابه الإشاعة إلى الخروج على الحاكم الفاسق وأنه مشروع مع القدرة واحتج بمن فعل ذلك من أهل البيت
فمع هذا كله أعجب من قول الشيخ الراجحي عنه أنه (سلفي العقيدة )
وأعجب من احتفاء الناس برسائله وإسباغ ألقاب المدح العظيم عليه ، نعم له ردود على بعض إخوانه من الزيدية في مسائل أصاب فيها وهذا لا يجعله من أئمة أهل السنة
والوقيعة في الصحابة علامة خذلان
قال حرب الكرماني في عقيدته :” فمن ذكر أحدًا من أصحاب محمد عليه السلام بسوء أو طعن عليه بعيب أو تبرأ من أحد منهم، أو سبهم، أو عرض بسبهم وشتمهم فهو رافضي مخالف خبيث ضال”
وأما ما ذكره من قتال النعمان وأبيه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم فلا أعلم هذا ثابتاً عن النعمان ولو ثبت فإن الصحابة دخلوا في هذا متأولين وما رد أحد منهم رواية الآخر وما اتهمه لما حصل بينهم من الفتن
قال ابن أبي شيبة في المصنف 39035- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، قَالَ : سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ قَتْلَى يَوْمِ صِفِّينَ ، فَقَالَ : قَتْلاَنَا وَقَتْلاَهُمْ فِي الْجَنَّةِ ، وَيَصِيرُ الأَمْرُ إلَيَّ وَإِلَى مُعَاوِيَةَ.
نص الذهبي على إدراك يزيد لعلي ، ولكن قال روايته عن علي وردت من وجهٍ ضعيف ، ولعله يعني المرفوع ، فإن السند هنا قوي إلى يزيد
فهذا قول علي نفسه
وقال البخاري في صحيحه 3746 – حَدَّثَنَا صَدَقَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً وَيَقُولُ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
وهذا الصلح نتج عنه ملك معاوية ، ولو كان الناتج عن هذا الصلح شراً لما أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم
قال أحمد في مسنده 1629 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي رِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ، وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، فَحَيَّاهُ الْمُغِيرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيرِ . فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَاسْتَقْبَلَ الْمُغِيرَةَ، فَسَبَّ وَسَبَّ، فَقَالَ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيرَةُ ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَة، يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَة ثَلاثًا، أَلا أَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّونَ عِنْدَكَ ؟ لَا تُنْكِرُ وَلا تُغَيِّرُ، فَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا سَمِعَتِ أذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنِ أرْوِي عَنْهُ كَذِبًا يَسْأَلُنِي عَنْهُ إِذَا لَقِيتُهُ، أَنَّهُ قَالَ: ” أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَتَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ ” لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ، قَالَ: فَضَجَّ أَهْلُ الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُونَهُ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ التَّاسِعُ ؟ قَالَ: نَاشَدْتُمُونِي بِاللهِ، وَاللهِ عَظِيمِ أَنَا تَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَوَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْعَاشِرُ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ يَمِينًا، قَالَ: وَاللهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ رَجُلٌ يُغَبِّرُ فِيهِ وَجْهَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ . وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ .
أقول : وقوله (وَاللهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ رَجُلٌ يُغَبِّرُ فِيهِ وَجْهَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ . وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ) فيه الرد القوي على من زعم أنه قد يأتي بعد الصحابة من هو أفضل من بعضهم
وهذا الخاسر الموتور يقع هذه الوقيعة الفاجرة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
قال مسلم في صحيحه 2422- [149-1065] وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ ، يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ ، سِيمَاهُمْ التَّحَالُقُ قَالَ : هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ ، أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ ، يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ قَالَ : فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مَثَلاً ، أَوْ قَالَ قَوْلاً الرَّجُلُ يَرْمِي الرَّمِيَّةَ ، أَوْ قَالَ الْغَرَضَ ، فَيَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلاَ يَرَى بَصِيرَةً ، وَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلاَ يَرَى بَصِيرَةً ، وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلاَ يَرَى بَصِيرَةً.
قَالَ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : وَأَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ ، يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم طائفة معاوية طائفة مباينة للخوارج وجمع مع طائفة علي في ضمير واحد كما في خبر أبي بكرة ، وسيرة علي بينة في الاغتباط بقتل الخوارج وذكر الأخبار الواردة في ذلك وقوله في قتال معاوية ( رأي رأيته )
وأما قول الصنعاني والوزير بإسقاط خلافة يزيد بن معاوية فهذا خلاف النص
قال مسلم في صحيحه 4732- [5-1821] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (ح) وحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لاَ يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً ، قَالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِيَ عَلَيَّ ، قَالَ : فَقُلْتُ لأَبِي : مَا قَالَ ؟ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.
ونعم كان على يزيد مآخذ عظيمة وفعل في أهل الحرة ما فعل ولكن هذا لا يسقط خلافته بعد مبايعة أهل الحل والعقد ولا يمنع من ولاية الصلحاء من أهل الولاية إن كان في ذلك مصلحة راجحة وتحقيق المصالح ودفع المظالم
وقد ولي عمران بن الحصين لزياد بن أبيه ، بل إن علياً ولي لعثمان والقوم منحرفون عن عثمان
قال البخاري في صحيحه 7111 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
وقال مسلم في صحيحه 4821- [58-1851] حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ، وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ ، زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ : اطْرَحُوا لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
وما ذكره من إدمان يزيد للفواحش والخمور كذب معروف ولو صح لما كان مسقطاً للخلافة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( حتى تروا كفراً بواحاً )
وأما قتل الحسين فلا شك أنه من أعظم الظلم
ويزيد لم يأمر بذلك بل تأسف لما أخبر بذلك وهذه أقوى الروايات
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/410) :” فإن يزيد بن معاوية ولد في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ولم يدرك النبي صلى الله عليه و سلم ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح وكان من شبان المسلمين ولا كان كافرا ولا زنديقا وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم وكان فيه شجاعة وكرم ولم يكن مظهرا للفواحش كما يحكي عنه خصومه
وجرت في إمارته أمور عظيمة أحدها مقتل الحسين رضي الله عنه وهو لم يأمر بقتل الحسين ولا أظهر
الفرح بقتله ولا نكت بالقضيب على ثناياه رضي الله عنه ولا حمل رأس الحسين رضي الله عنه إلى الشام لكن أمر بمنع الحسين رضي الله عنه وبدفعه عن الأمر ولو كان بقتاله فزاد النواب على أمره وحض الشمرذي الجيوش على قتله لعبيدالله بن زياد فاعتدى عليه عبيدالله بن زياد فطلب منهم الحسين رضي الله عنه أن يجيء إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر مرابطا أو يعود إلى مكة فمنعوه رضي الله عنهم إلا أن يستأسر لهم وأمر عمر بن سعد بقتاله فقتلوه مظلوما له ولطائفة من أهل بيته رضي الله عنهم
وكان قتله رضي الله عنه من المصائب العظيمة فإن قتل الحسين وقتل عثمان قبله كانا من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة وقتلتهما من شرار الخلق عند الله
ولما قدم أهلهم رضي الله عنهم على يزيد بن معاوية أكرمهم وسيرهم إلى المدينة وروى عنه أنه لعن ابن زياد على قتله وقال كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين لكنه مع هذا لم يظهر منه إنكار قتله والانتصار له والأخذ بثأره كان هو الواجب عليه فصار أهل الحق يلومونه على تركه للواجب مضافا إلى أمور أخرى”
وقال أيضاً :” والقول الثالث أنه كان ملكا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يولد إلا فى خلافة عثمان ولم يكن كافرا ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وفعل ما فعل بأهل الحرة ولم يكن صاحبا ولا من أولياء الله الصالحين وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة
ثم افترقوا ثلاث فرق فرقة لعنته وفرقة أحبته وفرقة لا تسبه ولا تحبه وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين
قال صالح بن أحمد قلت لأبي إن قوما يقولون إنهم يحبون يزيد فقال يا بنى وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله والآخر فقلت يا أبت فلماذا لا تلعنه فقال يا بنى ومتى رأيت أباك يلعن أحدا
وقال مهنا سألت أحمد عن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فقال هو الذي فعل بالمدينة ما فعل قلت وما فعل قال قتل من أصحاب رسول الله وفعل قلت وما فعل قال نهبها قلت فيذكر عنه الحديث قال لا يذكر عنه حديث وهكذا ذكر القاضى أبو يعلى وغيره “
وهذا هو التوسط والعدل
وليس من شرط الإمام أن يكون محبوباً أو عادلاً إلا في مذهب الخوارج الزيدية لا كثرهم الله ، وقد اعتد عامة الصحابة بخلافة هذا الرجل وبيعته كما تقدم عن ابن عمر وما طعن فيهم أحد بذلك
وأما ما ذكره عن اشتراط طول الصحبة فليس هذا مذهباً معروفاً لأهل العلم بل الرؤية كافية في ثبوت الصحبة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 33084- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلاَءِ أَبُو الزَّبْرِ الدِّمَشْقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي , وَاللهِ لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ , مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي , وَصَاحَبَ مَنْ صَاحَبَنِي , وَاللهِ لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ , مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي , وَصَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَنِي .
فقيد الأمر بالرؤية وعلى هذا تصرف أهل الحديث وقد أجمعوا على قبول مرويات النعمان بن بشير وغاية ما يكون الأمر في مروياته أنها من مراسيل الصحابة المقبولة ، ومن مشاهير حديثه حديث ( إن الحلال بين وإن الحرام بين ) الذي أجمعت الأمة على تصحيحه
وإن من الخذلان أن تعل الأحاديث بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وإنني لأعجب من محقق هذه الرسائل خالد بن محمد بن عثمان المصري كيف لم يتعقب هذا الكلام بل إنه قال في ص183 :” وسيأتي كلام المصنف على رواة إسناده “
وكان من ضمن الكلام كلامه هذا في النعمان وما علق عليه بشيء سوى قوله :” ذكره الحافظ في القسم الأول من الصحابة في الإصابة ” !
وترك تشكيكاته وطعوناته في هذا الصحابي بما يقضتي إسقاط جميع مروياته ، بل والطعن الواضح في أبيه أيضاً والله المستعان
بل العجيب أن المحقق وصف تلاميذ الصنعاني الذين ذكرهم بأنهم صاورا ( علماء نبلاء ) مع أن كثيراً منهم إن لم يكونوا كلهم مترجمون في أعلام الزيدية ، والزيدية المتأخرون رافضة يقعون في الصحابة وجهمية في باب الصفات وقدرية في باب القدر ولهم ضلال بعيد في باب الفقه هذا إن سلموا من الشرك في توحيد العبادة هذا مع التعظيم لأئمتهم بالضلال بل يجوز الثناء على مثل هؤلاء بهذا الثناء العظيم ؟
ولولا أن هذه الرسالة للصنعاني حققت ونشرت ووضعت منها نسخ مصورة على الشابكة لما وجدت نفسي مضطراً للرد على هذا الكلام فإن ذكره يؤلم قلبي
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم