نقض طعن حسن المالكي في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن أعظم ما يتقرب به العبد لربه عز وجل ، الذب عن أصحاب نبيه عليه الصلاة والسلام ، وأنا بمثل هذا الذب إنما أنفع نفسي وإلا فهم ليسوا بحاجة لدفاعي

وقد رأيت تغرودة لحسن المالكي يعرض فيها بعمر بن الخطاب رضي الله عنه ويطرح شبهة رافضية تقليدية وهي أنه كيف نصدق كونه مبشراً بالجنة وهو يتمنى أن يكون شجرة تعضد ويسأل حذيفة هل هو منافق ؟

وهذه الشبهة قد أجاب عليها كثيرون ولكنني سأحاول الإجابة بطريقة غير تقليدية

حسن المالكي ليس كافراً بالسنة مطلقاً بل هو يؤمن بأحاديث كثيرة ويحتج بها وهو هنا يحاول إيجاد معارضة بين أخبار يفترض صحتها عند خصمه ، وعند وجود التعارض يرجح الأقوى وما يدعمه القرآن إذا تحققنا من وجود وأعيتنا سبل الجمع

فأما خبر ( ليتني كنت شجرة تعضد )

فالخبر بهذا اللفظ لا أصل له عن عمر وإنما ورد ما يقاربه

قال هناد بن السري في الزهد 443 – حدثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : مر أبو بكر بطير واقع على شجرة ، فقال : « طوبى لك يا طير ؛ تقع على الشجر وتأكل الثمر ، ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب ياليتني كنت مثلك ؛ والله لوددت أن الله خلقني شجرة إلى جانب الطريق ، فمر بي بعير  فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ، ثم ازدردني ، ثم أخرجني بعرا  ولم أك بشرا » قال : وقال عمر : « يا ليتني كنت كبش أهلي ، سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض ما يحبون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديدا ثم أكلوني ، فأخرجوني عذرة ولم أك بشرا » قال : وقال أبو الدرداء : « يا ليتني كنت شجرة تعضد ولم أك بشرا »

وهذا إسناد ضعيف جداً فجويبر متروك والضحاك لم يسمع ابن عباس فضلاً عن الصديق أو الفاروق

وقال ابن أبي الدنيا في المتمنين  12 – حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عمر قال أخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه تبنة فقال يا ليتني مثل  مثل هذه التبنة ليت أمي لم تلدني ليتني لم أك شيئا ليتني كنت نسيا منسيا

وهذا أيضاً إسناد ضعيف جداً فعاصم متروك قال الدارقطني فيه ( مديني يترك ) ونص جماعة من أهل الحديث على أنه منكر الحديث ونص بعضهم على أنه لا يكتب حديثه وهذه ألفاظ لا يستخدمها المحدثون إلا في الضعفاء جداً وقد أخذ على شعبة مع جلالته روايته عنه

فهذا في شأن رواية ( يا ليتني كنت شجرة تعضد ) فهي ضعيفة جداً لا ترتقي إلى معارضة الصحيح

وأما سؤال عمر لحذيفة هل هو من المنافقين

قال ابن أبي شيبة في المصنف 38545- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَمِنَ الْقَوْمِ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : بِاللهِ مِنْهُمْ أَنَا ؟ قَالَ : لاَ ، وَلَنْ أُخْبِرَ بِهِ أَحَدًا بَعْدَك.

ولا إسناد لهذا الخبر إلا هذا الإسناد الوحيد وقد انفرد الأعمش ( وهو شيعي على تشيع المتقدمين )

وقد استنكره يعقوب بن سفيان وحمل على زيد بن وهب ، وطريقة يعقوب مع كونه خالفه غيره من العلماء لا شك أنها أولى من طريقة المالكي وعدنان إبراهيم الذين يقضون على الأخبار القطعية التي صحت عند أهل العلم

بأخبار فردية جهلوا هم توجيهها

وأنبه المالكي وعدنان إبراهيم أن شقيقهما في الكفر والزندقة قد أعل حديثاً في صحيح مسلم وهو حديث ( لأحرقت سبحات وجهه ) بعنعة الأعمش ! لأنه مدلس وذلك في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص200

ويلزمه تضعيف هذا الخبر

بل وتضعيف خبر ( لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ) فقد انفرد به الأعمش على تشيعه بالعنعنة عن شيخه عدي بن ثابت ( قاص الشيعة ) عن البراء بن عازب

ويلزمه أيضاً تضعيف خبر مالك الدار الذي انفرد به الأعمش بالعنعنة

والإعلال بعنعنة الأعمش لا أراده سديداً ولكنني هنا ألزم فقط

وقد قال ابن حجر في مقدمة شرح على البخاري :” زيد بن وهب الجهني أبو سليمان الكوفي من كبار التابعين رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق قال زهير بن معاوية عن الأعمش إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعته من الذي حدثك عنه وثقه بن معين وابن خراش وابن سعد والعجلي وجمهور الأئمة وشذ يعقوب بن سفيان الفسوي فقال في حديثه خلل كثير ثم ساق من روايته قول عمر في حديثه يا حذيفة بالله أنا من المنافقين قال الفسوي وهذا محال قلت هذا تعنت زائد وما بمثل هذا تضعف الإثبات ولا ترد الأحاديث الصحيحة فهذا صدر من عمر عند غلبة الخوف وعدم أمن المكر فلا يلتفت إلى هذه الوساوس الفاسدة في تضعيف الثقات”

ووجود خبر منكر في حديث الثقة لا يعني تضعيفه ، على ما قاله ابن حجر متجه

والآن لنأتي لأحاديث تبشير عمر بالجنة على وجه الخصوص وننظر في أسانيدها وانتشارها بين أهل العلم

قال البخاري في صحيحه 6216 – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

وقد رواه مسلم أيضاً

وقال البخاري في صحيحه 3675 – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ.

وقال أحمد في مسنده 1629 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي رِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ، وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، فَحَيَّاهُ الْمُغِيرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيرِ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَاسْتَقْبَلَ الْمُغِيرَةَ، فَسَبَّ وَسَبَّ، فَقَالَ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ، يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ ثَلاثًا، أَلا أَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّونَ عِنْدَكَ؟ لَا تُنْكِرُ وَلا تُغَيِّرُ، فَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا سَمِعَتِ أذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنِ أرْوِي عَنْهُ كَذِبًا يَسْأَلُنِي عَنْهُ إِذَا لَقِيتُهُ، أَنَّهُ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَتَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ» لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ، قَالَ: فَضَجَّ أَهْلُ الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُونَهُ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ التَّاسِعُ؟ قَالَ: نَاشَدْتُمُونِي بِاللَّهِ، وَاللَّهِ عَظِيمِ أَنَا تَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ [ص:175] وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْعَاشِرُ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ يَمِينًا، قَالَ: وَاللَّهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ رَجُلٌ يُغَبِّرُ فِيهِ وَجْهَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ. وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ

وقال أحمد في مسنده 1675 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ»

وقال الترمذي في جامعه 3748 – حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ المَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَهُ فِي نَفَرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” عَشَرَةٌ فِي الجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ “. قَالَ: فَعَدَّ هَؤُلَاءِ التِّسْعَةَ وَسَكَتَ عَنِ العَاشِرِ، فَقَالَ القَوْمُ: نَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا الأَعْوَرِ مَنِ العَاشِرُ؟ قَالَ: نَشَدْتُمُونِي بِاللَّهِ، أَبُو الأَعْوَرِ فِي الجَنَّةِ: ” أَبُو الأَعْوَرِ هُوَ: سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: هُوَ أَصَحُّ مِنَ الحَدِيثِ الأَوَّلِ “

فهذه أربعة أسانيد كلها قوي في التصريح بالشهادة له بالجنة وهي متباينة كل منها يرويه رواة يختلفون عن الإسناد الآخر

وقال البخاري في صحيحه 3242 – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ

وقال الترمذي في جامعه 3666 – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ذَكَرَهُ دَاوُدُ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ»

الحارث الأعور يوثقه الرافضة ومن تأثر بهم كالغماريين والسقاف ولهذا الحديث طرق عديدة يقويه بها بعضهم

وحتى حاتم العوني يقوي الحارث فعلى منهج هؤلاء جميعاً ينبغي تثبيت هذا الخبر وتصحيحه دون الحاجة إلى طرق أخرى فكيف إذا وجدت الطرق الأخرى

وقد تواتر عن علي تنصيصه على أن الشيخين أفضل هذه الأمة روى ذلك عنه جمع من أصحابه ، ولا يمكن إثبات تبشير علي بالجنة إلا بإثبات تبشير عمر قبله

وفي القرآن ما يدل على التبشير العام وكذلك في السنة

فقوله ( ولولا كتاب من الله سبق لمسكهم فيما أخذتم عذاب أليم ) يدل على التبشير لأهل بدر بالجنة

قال ابن حجر في المطالب العالية 4273 – قال إسحاق : أخبرنا زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة ، عن خيثمة ، قال : كان سعد بن أبي وقاص في نفر ، فذكروا عليا ، فشتموه ، فقال سعد : « مهلا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنا أصبنا ذنبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم  وأرجو أن تكون رحمة من الله سبقت لنا فقال بعضهم : فوالله إن كان والله يبغضك ، ويشتمك الأخينس ، فضحك سعد حتى استعلاه الضحك ، ثم قال أو ليس الرجل قد يجد على أخيه في الأمر ، يكون بينه وبينه ، ثم لا يبلغ ذلك أمانته وذكر كلمة أخرى » هذا إسناد صحيح ، وقد اشتمل هذا المتن على فوائد جليلة

وقال تعالى : (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

وقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

وقال الطحاوي في بيان مشكل الآثار [3/ 21]:

وَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْطُبُ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:

{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى}. الْآيَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ وَأَصْحَابِهِ أَوْ قَالَ: عُثْمَانُ مِنْهُمْ.

وعمر يدخل في هذا من باب أولى

وقول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بدر وأن الله اطلع عليهم فقال ( اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم )

وقال مسلم في صحيحه 6487- [162-2495] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو حَاطِبًا فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبْتَ لاَ يَدْخُلُهَا ، فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ.

وعمر يدخل في هذا من باب

فكيف تترك هذه الحقيقة الشرعية المتواترة ويعول على روايات مختلف في صحتها وبعضها مقطوع بضعفه إن هذا إلا الهوى والتملق للرافضة وشدة البغض لأهل السنة

قال ابن تيمية _ رحمه الله _ في منهاج السنة :” وفي الترمذي وغيره عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله وددت أني كنت شجرة تعضد” وقوله: “وددت أني كنت شجرة تعضد” قيل إنه من قول أبي ذر لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ} الآية سورة المؤمنون  وفي الترمذي عن عائشة قالت قلت: يا رسول الله هو الرجل يزني ويسرق ويخاف فقال: “لا يا بنت الصديق ولكنه الرجل يصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه”.

وأما قول الرافضي وهل هذا إلا مساو لقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً} سورة النبأ فهذا جهل منه فإن الكافر يقول ذلك يوم القيامة حين لا تقبل توبة ولا تنفع حسنة.

وأما من يقول ذلك في الدنيا فهذا يقوله في دار العمل على وجه الخشية لله فيثاب على خوفه من الله وقد قالت مريم: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} سورة مريم ولم يكن هذا كتمني الموت يوم القيامة ولا يجعل هذا كقول أهل النار كما أخبر الله عنهم بقوله: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} سورة الزخرف”

وقال أيضاً :” وروى ابن بطة ما ذكره الحسن بن عرفة حدثني كثير بن مروان الفلسطيني عن أنس بن سفيان عن غالب بن عبد الله العقيلي قال لما طعن عمر دخل عليه رجال منهم ابن عباس وعمر يجود بنفسه وهو يبكي فقال له ابن عباس ما يبكيك يا أميرالمؤمنين فقال له عمر أما والله ما أبكي جزعا على الدنيا ولا شوقا إليها ولكن أخاف هول المطلع قال فقال له ابن عباس فلا تبك يا أمير المؤمنين فوالله لقد أسلمت فكان إسلامك فتحا ولقد

أمرت فكانت إمارتك فتحا ولقد ملأت الأرض عدلا وما من رجلين من المسلمين يكون بينهما ما يكون بين المسلمين فتذكر عندهما إلا رضيا بقولك وقنعا به قال فقال عمر أجلسوني فلما جلس قال عمر أعد على كلامك يا ابن عباس قال نعم فأعاده فقال عمر أتشهد لي بهذا عند الله يوم القيامة يا ابن عباس قال نعم يا أمير المؤمنين أنا أشهد لك بهذا عند الله وهذا علي يشهد لك وعلي بن أبي طالب جالس فقال علي بن أبي طالب نعم يا أمير المؤمنين”

قال ابن أبي شيبة في المصنف [38990]:

حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ أبي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ:

أَعْذِرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ يَوْمِ الْجَمَلِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: لَقَدْ رَأَيْته حِينَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَلُوذُ بِي وَيَقُولُ: يَا حَسَنُ، لَوَدِدْت أَنِّي مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ حِجَّةً.

أبو الضحى أدرك سليمان فإن كان حمل الخبر , فالخبر متصل.

* وكذا جاء في مسند الحارث كما في بغية الباحث [757]:

حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ , ثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَى الْحَسَنِ فَقُلْتُ:

اعْذُرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ لَمْ أَحْضُرِ الْوَقْعَةَ , فَقَالَ الْحَسَنُ: مَا تَصْنَعُ بِهَذَا لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَهُوَ يَلُوذُ بِي وَيَقُولُ: يَا حَسَنُ لَيْتَنِي مُتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ سَنَةً.

* وقال عبد الله بن أحمد في السنة [1212]:

حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي، نا حماد بن زيد، نا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال: قال علي رضي الله عنه يوم الجمل: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.

* وقال أيضاً [1181]:

حدثني إسماعيل أبو معمر، نا ابن نمير، عن شريك، عن العلاء بن عبد الكريم، عن تميم بن سلمة، قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنه يوم الجمل أو يوم صفين شيئا فقال له علي رضي الله عنه:

وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.

فهل يقال في علي ( كيف يقال مبشر بالجنة وهو يتمنى الموت قبل حرب الجمل )؟

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم