نقض شبهة ( في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا)

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذه شبهة يستدل بها القبوريون

قال الطبراني في الكبير [ 13525 ]:

 حدثنا عبدا بن أحمد ثنا عيسى
بن شاذان ثنا أبو همام الدلال ثنا إبراهيم بن طهان عن منصور عن مجاهد عن ابن عمر :
قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا )

إبراهيم بن طهمان وصفه ابن حبان أنه يغرب وضعفه بعضهم ، وهذا الحديث
منكر بمرة إذ انفرد به إبراهيم عن منصور من دون بقية أصحابه ، وتجنبه عامة أصحاب الكتب
فلم يخرجوه ، وهو يخالف عامة الأحاديث الصحيحة الناهية عن اتخاذ القبور مساجد التي
جمعها  الألباني في ( تحذير الساجد من
اتخاذ القبور مساجد )

قال الدارقطني في أطراف الأفراد والغرائب :” ( 3158 ) حديث :
«في مسجد الخيف قبر سبعين* نبيًا ». تفرد به أبو همام الدلال عن إبراهيم

بن طَهْمان عن منصور عنه”

فالدارقطني يستنكر هذا الخبر وحق له ، وقد وقفت على علة قادحة للخبر

قال البيهقي في السنن الكبرى [  3990 ]: 

 أنبأ أبو عبد الله الحافظ وأبو
سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس هو الأصم ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب
أنبأ سعيد بن أبي عروبة : أنه سمع مجاهدا يقول صلى في هذا المسجد مسجد الخيف يعني مسجد
منى سبعون نبيا لباسهم الصوف ونعالهم الخوص

وهذا هو الأصح عن مجاهد بلفظ ( صلى ) وليس ( قبر سبعين نبيا) والخبر
هنا مرسل بدون ذكر ابن عمر أو النبي صلى الله عليه وسلم

وظاهر الخبر المنكر يفيد استحباب الصلاة في المسجد الخيف ، وهذا لم
يقل به أحد من الأئمة والعجيب أن القبورية عامتهم من المقلدين وينشرون رسالة الكوثري
( اللامذهبية قنطرة اللادينية ) ، ثم هم يسيرون على طريقة الاجتهاد المطلق في هذه المسائل
ويخالفون أئمتهم وينشرون رسالة الغماري في استحباب بناء المساجد على القبور والتي خالف
فيها إجماع الأمة

قال  الألباني في تحذير
الساجد ص46 :

” 2 – مذهب الحنفية الكراهة التحريمية

والكراهة بهذا المعنى الشرعي قد قال به هنا الحنفية فقال الإمام محمد
تلميذ أبي حنيفة في كتابه ” الآثار ” ( ص 45 ) :

لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر ونكره أن يجصص أو يطين أو يجعل
عنده مسجدا

والكراهة عن الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم وقد
صرح بالتحريم في هذه المسألة ابن الملك منهم كما يأتي

3 – مذهب المالكية التحريم

وقال القرطبي في تفسيره ( 10 / 38 ) بعد أن ذكر الحديث الخامس :
” قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد

4 – مذهب الحنابلة التحريم

ومذهب الحنابلة التحريم أيضا كما في ” شرح المنتهى ” ( 1
/ 353 ) وغيره بل نص بعضهم على بطلان الصلاة في المساجد المبنية على القبور ووجوب هدهما
فقال ابن القيم في ” زاد المعاد ” ( 3 / 22 ) في صدد بيان ما تضمنته غزوة
تبوك من الفقه والفوائد وبعد أن ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تبارك وتعالى نبيه
أن يصلي فيه وكيف أنه صلى الله عليه وسلم هدمه وحرقه قال :

ومنها تحريق أمكنة المعصية التي يعصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
فيها مسجد يصلى فيه ويذكر اسم الله فيه لما كان بناؤه ضررا وتفريقا بين المؤمنين ومأوى
للمنافقين وكل مكان هذا شأنه فواجب على الإمام ( 46 ) تعطيله إما بهدم أو تحريق وإما
بتغيير صورته وإخراجه عما وضع له وإذا كان هذا شأن مسجد الضرار فمشاهد الشرك التي تدعو
سدنتها إلى اتخاذ من فيها أندادا من دون الله أحق بذلك وأوجب وكذلك محال المعاصي والفسوق
كالحانات وبيوت الخمارين وأرباب المنكرات وقد حرق عمر بن الخطاب قرية بكاملها يباع
فيها الخمر وحرق حانوت رويشد الثقفي ( 47 ) وسماه فويسقا وحرق قصر ( 48 ) سعد لما احتجب
عن الرعية وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت تاركي حضور الجماعة والجمعة
( 49 ) وإنما منعه من فيها من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم كما أخبر هو عن ذلك
( 50 ) . ومنها أن الوقف لا يصح على غير بر ولا قربة كما لم يصح وقف هذا المسجد وعلى
هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد نص على ذلك الإمام
أحمد وغيره فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان
الحكم للسابق فلو وضعا معا لم يجز ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا
المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ القبر مسجدا أو أوقد
عليه سراجا ( 51 ) فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه وغربته بين الناس
كما ترى “

ولو صح الخبر لحملناه على خصوصية بمسجد الخيف ولم نقس قبور الأولياء
على قبور الأنبياء ، غير أن هذا التخصيص مدفوع بورود الأخبار في النهي عن اتخاذ قبور
الأنبياء مساجد

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم