نقض دفاع زين العابدين بلافريج عن تفسير الظلال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد استمعت لزين العابدين بلا فريج يتكلم فيه عن تفسير الظلال لسيد قطب

وكلامه في نقاط

الأولى : أن سيد قطب أديب ولم يقل عن نفسه أنه عالم شرعي

الثانية : أنه لا بد من ذكر حسنات تفسير الظلال إنصافاً

الثالثة : أننا لا نسب هذا الرجل

الرابعة : أنه وسط بين من يكفر سيد قطب ومن يريد السكوت عن أخطاء سيد قطب

والتعليق على النقطة الأولى من وجوه

الأول : أن بلا فريج نفسه يقول أنه لا يوجد عالم يقول عن نفسه أنه عالم
!

الثاني : أن سيد قطب فسر القرآن كله من الجلدة إلى الجلدة وتكلم حتى على
آيات التيمم والظهار والمواريث والنكاح والطلاق ، وتكلم على آيات الصفات وتكلم في الأعمال
القلبية فكيف لا يقال أنه لا يعتبر نفسه عالماً شرعياً !

بل كان ينظر أن لا وقت للاشتغال بفقه الأوراق مع عدم وجود مجتمع إسلامي
يطبق فيه هذا بل لا بد من الاشتغال بفقه الحركة

فهو يعطي الوصايا للفقهاء وينظر فكيف لا يعتبر نفسه عالماً فقيهاً

الثالث : أن عدداً من الناس يعتبرون سيد قطب إماماً وأن كتبه من أنفع الكتب
لفهم الإسلام فسعيد بن مسفر ينصح المبتدئين بكتبه وكذا عائض القرني

قال عبد العزيز آل عبد اللطيف في نواقض الإيمان :” (5) سيد قطب بن
إبراهيم ، مفكر إسلامي كبير ، وأديب بليغ ، له جهود ظاهرة في الإصلاح ، وصاحب مؤلفات
، توفي مقتولاً سنة 1387 هـ .

انظر الأعلام 3/147 .

في ظلال القرآن 2/894″

هذه ترجمة كلها حسنات !

وقال خالد الجريسي في رسالته الحذر من السحر ص26:” فقد أنكرها جمع
من ثقات الأئمة وعلماء الإسلام ” وذكر فيهم سيد قطب

قال حسن أبو الأشبال في تعليقه على السنة للالكائي :” بل نحن نحب
سيد قطب عليه رحمة الله، ونتولاه وندعو له بالرحمة، وندعو له بالخير، وندعو له بأن
يبيض الله تبارك وتعالى وجهه مع وجوه المؤمنين يوم القيامة، وفي نفس الوقت نرد عليه
ما خالف فيه الكتاب؛ لأن الكتاب أحب إلينا من سيد قطب وغيره، والسنة أحب إلينا من أنفسنا
وليس من سيد قطب فحسب”

قال عبد الله الغريب في كتابه وجاء دور المجوس :” فتأثروا بما قيل
عن الخميني ، وصار اسمه عندها مرافقا لأعلام أهل السنة في العصر الحديث أمثال :

محمد بن عبد الوهاب ، حسن البنا ، المودودى ، سيد قطب”

فعده من أعلام أهل السنة ، وقال صلاح عبد الفتاح الخالدي في كتابه سيد
قطب من الميلاد إلى الاستشهاد أن سيد قطب مجدد في التفسير ومجدد في فقه الحركة

وقال محمد الحسن ولد الددو أن تفسير سيد قطب أفضل تفسير موضوعي

فلا داعي لتمييع المسألة

الثالث : أن كون المرء ليس عالماً لا مانعاً من موانع التبديع ولا التضليل

قال قوام السنة الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/424) :” وَقَالَ
أَحْمَد بْن منيع: ” من زعم أَنه مَخْلُوق فَهُوَ جهمي، وَمن وقف فِيهِ فَإِن
كَانَ مِمَّن لَا يعقل مثل البقالين وَالنِّسَاء وَالصبيان سكت عَنهُ وَعلم، وَإِن
كَانَ مِمَّن يفهم فَأَجره فِي وَادي الْجَهْمِية، وَمن قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ
مَخْلُوق فَهُوَ جهمي “

فبدع الواقفي إن كان فقط ليس في مستوى النساء والصبيان

وقد أنكر محمود شاكر على سيد قطب كلامه في الصحابة وأصر سيد

أما النقطة الثانية : فالجواب عليها من وجوه

الأول : أن السلف حذروا من كتب من هو أفضل من سيد قطب بدون موازنات وليسوا
ظلمة

قال الذهبي في الميزان :” ال الحافظ سعيد بن عمرو البردعى: شهدت أبا
زرعة – وقد سئل عن الحارث المحاسبى وكتبه – فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه [كتب]
بدع وضلالات،

عليك بالاثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك.

قيل له: في هذه الكتب عبرة.

فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة

 بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي
صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس، ما أسرع الناس إلى البدع! مات الحارث سنة ثلاث
وأربعين ومائتين.

وأين مثل الحارث، فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لأبي طالب،
وأين مثل القوت! كيف لو رأى بهجة الاسرار لابن جهضم، وحقائق التفسير للسلمى لطار لبه.

كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسى في ذلك على كثرة ما في الاحياء من الموضوعات.

كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر! كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات
المكية! بلى لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر، كان معاصره ألف إمام في الحديث،
فيهم مثل أحمد بن حنبل، وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسى، وابن
شحانة كان قطب العارفين كصاحب الفصوص، وابن.

نسأل الله العفو والمسامحة آمين”

وقد أفتى علماء أهل المغرب بحرق إحياء علوم الدين للغزالي على أشعريتهم

وقال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (5/ 176) :

” قال ابن الصلاح هذا الماوردي عفا الله عنه يتهم بالاعتزال وقد كنت
لا أتحقق ذلك عليه وأتأول له وأعتذر عنه في كونه يورد في تفسيره في الآيات التي يختلف
فيها أهل التفسير تفسير أهل السنة وتفسير المعتزلة غير متعرض لبيان ما هو الحق منها

 وأقول لعل قصده إيراد كل ما قيل
من حق أو باطل ولهذا يورد من أقوال المشبهة أشياء مثل هذا الإيراد حتى وجدته يختار
في بعض المواضع قول المعتزلة وما بنوه على أصولهم الفاسدة ومن ذلك مصيره في الأعراف
إلى أن الله لا يشاء عبادة الأوثان وقال في قوله تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا
شياطين الإنس والجن ) وجهان في جعلنا أحدهما معناه حكمنا بأنهم أعداء

والثاني تركناهم على العداوة فلم نمنعهم منها وتفسيره عظيم الضرر لكونه
مشحونا بتأويلات أهل الباطل تلبيسا وتدسيسا على وجه لا يفطن له غير أهل العلم والتحقيق
مع أنه تأليف رجل لا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة بل يجتهد في كتمان موافقتهم فيما
هو لهم فيه موافق ثم هو ليس معتزليا مطلقا فإنه لا يوافقهم في جميع أصولهم مثل خلق
القرآن كما دل عليه تفسيره في قوله عز وجل ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) وغير
ذلك ويوافقهم في القدر وهي البلية التي غلبت على البصريين وعيبوا بها قديما”

فهذا تحذير ابن الصلاح من تفسير الماوردي وهو أعظم نفعاً من تفسير سيد
قطب فتأمل

وقال ابن حجر في لسان الميزان :” قال الإمام أبو محمد بن أبي حمزة
في شرح البخاري له لما ذكر قوما من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال: ومنهم من يرى
مطالعة كتاب الزمخشري ويؤثره على غيره من السادة كابن عطية ويسمى كتابه الكشاف تعظيماً
له.

قال والمناظر في الكشاف إن كان عارفاً بدسائسه فلا يحل له أن ينظر فيه
لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه تلك الدسائس وهو لا يشعر أو يحمل الجهال بنظره فيه
على تعظيم وأيضا فهو مقدم مرجوحاً على راجح المقالة أن المألف من أن يصير سواسياً للمعتزلي
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ” لا تقولوا لمنافق سيداً فإن ذلك يسخطه الله وإن
كان غير عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر
فيصير معتزليا مرجئاً والله الموفق وقد كان الزمخشري في غاية المعرفة بفنون البلاغة
وتصرف الكلام وكتابه أساس البلاغة من أحاسن الكتب وقد أجاد فيه وبين الحقيقة من المجاز
في الألفاظ المستعملة إفراداً وتركيباً وكتابه الفائق في غريب الحديث من أنفس الكتب
لجمعه المتفرق في مكان واحد مع حسن الاختصار وصحة النقل وله كتاب الفصل في النحو مشهور
ورأيت له مصنفاً في المشتبه في مجلد واحدا وفيه فوائد جليلة وأما التفسير فقد أولع
الناس به وبحثوا عليه وبينوا دسائسه وأفردوها بالتصنيف ومن رسخت قدمه في السنة وقرأ
طرفا من اختلاف المقالات انتفع بتفسيره ولم يضره ما يخشى من دسائسه وكانت وفاة الزمخشري
عفى الله عنه سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة وعاش أحدى وسبعين سنة”

الثاني : أن هذا منهج الموازنات مخترع مبتدع وقد نقضه في عدة مواطن

وأما النقطة الثالثة

فيقال : تبديع المبتدع من السب الجائز بل الواجب

وقد كان الإمام أحمد لا ينكر من بدع من فضل علياً على عثمان كما ذكر الخلال
في السنة فكيف بمن يسب عثمان

وبلا فريج لم يكن دقيقاً في نقل مخالفات سيد قطب فلم يذكر سبه الحقيقي
للصحابة

فقد قال “ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي امتداداً طبيعياً لخلافة
الشيخين قبله، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما”

وقال أيضاً :” :”ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان
وهو شيخ كبير، ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام، وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد
أمية من ورائه”

وهو ليس له خبرة بكتب سيد قطب فإنه نسب السب إلى تفسير الظلال والصواب
في غيرها من كتبه

وغيرها كثير من الكلام القبيح

قال حرب الكرماني في عقيدته :” فمن سب أصحاب رسول الله – صلى الله
عليه وسلم -، أو أحدًا منهم، أو طعن عليهم، أو عرض بعيبهم أو عاب أحدًا منهم بقليل
أوكثير، أو دق أو جل مما يتطرق إلى الوقيعة في أحد منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف
لا قبل الله صرفه ولا عدله بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربه، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ
بآثارهم فضيلة”

ثم إن سيد قطب قد ثبت عنه طوام عظيمة أشد من سب الصحابة مثل القول بوحدة
الوجود ، والقول بخلق القرآن وإنكار معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من البلايا
التي جمعها غير واحد

قال محمد جميل زينو في كتابه شهادة الإسلام ص36 :” وحدة الوجود في
الظلال :

1- كنت مولعاً بظلال القرآن لمؤلفه (سيد قطب) ولما قرأته وجدت وحدة الوجود
في تفسير أول سورة الحديد وسورة الإخلاص ، وغيرها من الأخطاء التي تتنافى مع عقيدة
الإسلام كقوله عن تفسير الاستواء الوارد في عدة آيات : كناية عن السيطرة والهيمنة ،
وهذا مخالف للتفسير الوارد في البخاري عن مجاهد وأبي العالية : في قوله تعالى : {ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ} ، قال مجاهد وأبو العالية : علا وارتفع .

2- ذكرت ذلك لأخيه (محمد قطب) وقلت له : علق على كلام أخيك في الظلال ،
فقال لي : أخي يتحمل مسئولية كلامه .

وبعد سنتين طلبت مني إحدى دور النشر نشر كتابي الجديد : ( شهادة لا إله
إلا الله محمد رسول الله) . فذكرت فيه من نواقض الشهادتين : وحدة الوجود عند الصوفية
وقرأت في كتاب ( لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهج حياة) لمؤلفه (محمد قطب) ذكر فيه
نواقض لا إله إلا الله ، ولم يذكر وحدة الوجود ، فاتصلت به هاتفياً ، قلت له : أنت
مشرف على طبعة الشروق (في ظلال القرآن) أنا أطالبك بالتعليق في الحاشية امتثالاً لأمر
النبي صلى الله عليه وسلم القائل : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع
فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) . وأنت تستطيع أن تُغير بلسانك وقلمك
، فقال لي : شكر الله سعيك ، فشكرته على ذلك ، وطلبت منه نسخة فيها تعليقه على وحدة
الوجود فسكت ، وأسأل الله أن يوفقه لذلك .

3- قمت بزيارة لأحد العلماء البارزين وعنده أحد مدرسي العقيدة الإسلامية
، وذكرت له وحدة الوجود في الظلال ، فاستغرب ذلك ، وأحضر كتاب الظلال من مكتبته وبدأ
يقرأ فيه من أول تفسير سورة الحديد ، حتى وصل إلى قوله : ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقـة
الأساسية الكبرى وهاموا فيها وبها ، وسلكوا إليها مسالك شتى ، بعضهم قال : إنه يرى
الله في كل شئ في الوجود ، وبعضهم قال : أنه رأى الله من وراء كل شئ فـي الوجود ، وبعضهم
قال : أنه رأى الله فلم ير غيره في الوجود ، وبعضهم قال : إنه رأى الله فلم ير غيره
في الوجود .

وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في
هذا المجال ، إلا أن ما يؤخذ عليهم على وجه الاجمال هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور
، والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها
.

فأنكر العلماء الموجودون هذه الوحدة ، ووافقوا على أن يُعلق (محمد قطب)
عليها “

أقول : فهذا محمد قطب ومحمد جميل زينو وعدد من العلماء المختصين يقرون
بهذا الأمر ، أضف إليهم الشيخ ابن عثيمين الذي أذن بنشر كتاب ( براءة علماء الأمة
) وفيه اتهام سيد قطب بوحدة الوجود ، وأيضاً الشيخ صالح الفوزان الذي قرظ للكتاب نفسه
بالإضافة إلى الشيخ الألباني

ونصوص سيد قطب التي أنكرت هي قوله في تفسير سورة الإخلاص :” إنها
أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود
آخر؛ فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية،
وهي من ثم أحدية الفاعلية، فليس سواه فاعلاً لشيء أو فاعلاً في شيء في هذا الوجود أصلاً،
وهذه عقيدة في الضمير، وتفسير للوجودفإذا استقر هذا التفسير، ووضح هذا التصور؛ خلص
القلب في كل غاشية ومن كل شائبة ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة بحقيقة
الوجود وحقيقة الفاعلية، خلص من التعلق بشيء من اشياء هذا الوجود، إن لم يخلص من الشعور
بوجود شيء من الأشياء أصلاً؛ فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي، ولا حقيقة لفاعلية
إلا فاعلية الإرادة الإلهية؛ فعلام يتعلق القلب بما لا حقيقة لوجوده ولا لفاعليته؟!”

ونفي الفاعلية عن الخلق هي عقيدة الأشعرية الجبرية ، ونصه في سورة الحديد
أشار إليه محمد جميل زينو ، وممن وصم سيد قطب بالقول بوحدة الوجود التكفيري عبد الكريم
الحميد في كتابه ( إنارة الدرب ) الذي خصصه لنقد سيد قطب

قال سيد قطب في الظلال :

” “وكما أن الروح من الأسرار التي اختص الله بها؛ فالقرآن من
صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته، ولا يملك الجن والإنس – وهما يمثلان الخلق الظاهر
والخفي – أن يأتوا بمثله، ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه المحاولة، { قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ
الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ
وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }

 فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات
يحاول الإنس والجن أن يحاكوها، إنما هو كسائر مايبدعه الله يعجز المخلوقون أن يصفوه،
فهو كالروح من أمر الله، لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل، وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه
وآثاره”

وله نصوص أخرى في أن القرآن ( مصنوع ) ، وهذه العبارة صريحة في خلق القرآن
ومع ذلك يتأولها كثير من المعظمين لهذا الرجل

والسؤال هنا : أيهما أقرب إلى القول بخلق القرآن قولهم ( لفظي بالقرآن
مخلوق ) أم قول سيد ( القرآن مصنوع )

لا شك قول سيد أصرح فما قال الأئمة في اللفظية ؟!

قال الخلال في السنة 2100- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد
الله إني قلت لأبي ثور سألته عن اللفظ ؟ فقال : هذه بدعة ، فغضب غضباً شديداً وقال
: هكذا أراد أن يقول بدعة ، هذا كلام جهم بعينه

فالإمام أحمد يغضب على من يبدع اللفظية فقط ! بل لا يقنع حتى يقال جهمية

وقد صح عنه أن اللفظية كفار ، وقال في نعيم بن حماد ( لا رحمه الله إن
كان قالها ) ، وتكلم بكلام شديد في هشام بن عمار لما قال ( لفظ جبريل بالقرآن مخلوق
)

وقد سئل الدكتور إبراهيم الرحيلي في شريط الخلاف أسبابه وأحكامه
:”

هل القول أن القرآن صنع الله يلزم منه أن القرآن مخلوق؟ و خصوصاً أنه يقول
إن الكلام هو الإرادة؟

فأجاب :” لا يُقال أن القرآن صُنع الله، وإنما هو كلام الله.

لكن ينبغي أن يُفرّق بين من يُطلق الألفاظ وهو يقصد اللفظ، أو لا يقصد،
فإن بعض الناس قد يُطلق الألفاظ وهو لا يقصدها، فعلى كل حال هذا خطأ، لكن هل من قال
هذا: نقول إنه يقول القرآن مخلوق.

 ينبغي أن يستفصل منه؛ يقال له:
ما المقصود بالصنع في إطلاقه؟

فإن قال: أعتقد أنه تكلم. نقول له: لا تقل هذا اللفظ، وإنما قل تكلم بالقرآن.
وإن كان يقصد بالصّنع هو الخلق فلا شك أنّ هذا قول الجهمية”

الإمام أحمد وأئمة السلف جهموا اللفظية ولم يستفصلوا عن قصدهم والسائل
ذكر لك قرينة فقال أنه يؤول الكلام بالإرادة تدل هذه القرينة على تجهم

قال شيخ الإسلام في درء التعارض (1/254) :

” فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع
والعقل ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم
بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا
نسبوه إلى البدعة أيضا وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة وردا باطلا بباطل

ونظير هذا القصص المعروفة التي ذكرها الخلال في كتاب السنة هو وغيره في
مسألة اللفظ ومسألة الجبر”

وأما النقطة الأخيرة فهذا يعقوب بن شيبة كان إماماً في العلل قال بالوقف
في القرآن ، فحكم عليه عبد الوهاب الوراق بالزندقة كما في الإبانة لابن بطة وما أنكر
عليه ما اتهمه أحد بالغلو فكيف برجل يقول بخلق القرآن صراحة ويقول بوحدة الوجود وينكر
معجزات النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن ويشبه كتاب الله بالموسيقى وغيرها من البلايا

وإخماد ذكر أهل البدع مطلب شرعي خصوصاً إذا وجد من يرفعهم فوق منزلتهم
ويجعلهم أئمة ، وقد أغنانا الله عز وجل بعلوم السلف عن سيد قطب وأمثاله

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم