نقض أبي يعلى على المؤولة والمفوضة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أبو يعلى في إبطال التأويلات :” دليل آخر عَلَى إبطال التأويل، وذلك أن من حمل اللفظ عَلَى ظاهره حمله عَلَى حقيقته، ومن تأوله عدل به عن الحقيقة إلى المجاز، ولا يجوز إضافة المجاز إلى صفاته.

فإن قيل خبر الواحد إنما فيما طريقة العمل وأما فيما طريقة الاعتقاد والقطع فلا قيل: هَذِهِ وإن كانت أخبار آحاد فإن الأمة قد تلقتها بالقبول، منهم من حملها عَلَى ظاهرها وهم أصحاب الحديث
، ومنهم من تأولها وتأويلها قبول لها فإن قيل: فهل تكفرون من ردها أو تأولها؟

57 – قيل: قد قَالَ أَحْمَد فِي رواية أَبِي طالب: من قَالَ إن الله خلق آدم عَلَى صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه

58 – وَقَالَ فِي رواية المروزي وقد سأله عن عبد الله التيمي فقال: صدوق، ولكن حكي عنه أنه ذكر حديث الضحاك فقال: مثل الزرع وهذا كلام الجهمية

59 – وَقَالَ فِي رواية الأثرم: وقد سأل أَحْمَد حدث محدث وأنا عنده بحديث: ” يضع الرحمن قدمه فيها ” وعنده غلام فأقبل عَلَى الغلام فقال: إن لهذا تفسيرا، فقال أَبُو عبد الله: أنظر إليه كما تقول الجهمية سواء فقد أطلق القول بأنه جهمي، وقد كفرهم ببعض أقوالهم ولم يكفرهم ببعض”

هنا يصرح بأن من يختاره في الصفات هو إثبات حقيقة ويقابله التأويل الذي هو انتصار للمجاز في الصفات

وهنا سؤال : هل التفويض بالمعنى الكلامي الذي هو ضرب من ضروب التوقف يصلح أن يقال عنه إثبات حقيقة ومقابل للمجاز ؟

وكلامه في تكفير المؤولة ليس صريحاً في تكفيرهم ولا في عدمه وإنما فيه تجويز للأمرين وليس هذا مذهب المتمسحين بهذا الرجل

قال أبو يعلى في إبطال التأويلات :” والثاني: أنه يعارض ما قاله قول عبد الله بن مسعود أخرجه إلى أَبُو القسم عبد العزيز، قَالَ: نا أَبُو القسم
إبراهيم بن جعفر الساجي، قَالَ: أنا مُحَمَّد بن بكر بن عبد الرزاق التمار البصري، قَالَ: نا أَبُو داود سُلَيْمَان بن الأشعث، قَالَ: نا سلمة بن شبيب، نا عبد الرزاق، أنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أَبِي صادق، عن ابن مسعود فِي قوله، عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ، قَالَ: عن ساقيه جل ذكره

161 – وَقَالَ أَبُو داود: نا بندار مُحَمَّد بن بشار، نا مُحَمَّد بن جعفر، نا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، قَالَ: كان ابن مسعود يَقُول: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قَالَ: يكشف الرحمن عن ساقه

162 – وأخرج إلى أَبُو القسم، قَالَ: نا أَبُو الحسين علي بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بشران، نا عثمان بن أَحْمَد بن عبد الله بن السماك، قَالَ: نا عبد الله بن ثابت، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي الهذيل بن حبيب الدنداني، قَالَ: قَالَ مقاتل بن سُلَيْمَان: قَالَ عبد الله بن مسعود فِي قوله، عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} يعني عن ساقه اليمين فيضيء من نور ساقه الأرض، فذلك قوله: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} ، يعني نور ساقه اليمين

163 – فهذا قول ابن مسعود وناهيك بعبد الله أول المقدمين من الصحابة بعد العشرة، وَقَالَ النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد “

هنا ينقل تفسيراً من صحابي لآية من آيات الصفات ويختاره وينتصر له فهل هذا مسلك متأخري المفوضة مع كون التفسير فيه زيادة على لفظ الآية ؟ وهم باستمرار يحتجون بلفظة ( لا نفسره ) و ( بلا تفسير )