نقد شيخ الإسلام لاشتراط التحدي في تعريف المعجزة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن المشهور عند كثير من طلبة العلم أن المعجزة هو اجراء فعل خارق للعادة
على وجه التحدي على يد نبي، ولا يتبه كثيرون إلا ان هذا التعريف هو تعريف الأشاعرة
وقد انتقده شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب النبوات؛ قال شيخ الإسلام في النبوات ص114
:

” السابع أن آيات الأنبياء ليس من شرطها استدلال

النبي بها ولا تحديه بالإتيان بمثلها بل هي دليل على نبوته وان خلت عن
هذين القيدين وهذا كإخبار من تقدم بنبوة محمد فانه دليل على صدقه وان كان هو لم يعلم
بما أخبروا به ولا يستدل به

وأيضا فما كان يظهره الله على يديه من الآيات مثل تكثير الطعام والشراب
مرات كنبع الماء من بين أصابعه غير مرة وتكثير الطعام القليل حتى كفى أضعاف من كان
محتاجا اليه وغير ذلك كله من دلائل النبوة

ولم يكن يظهرها للاستدلال بها ولا يتحدى بمثلها بل لحاجة المسلمين اليها
وكذلك إلقاء الخليل في النار إنما كان بعد نبوته ودعائه لهم الى التوحيد”.

وليعلم أن الخلاف مع الأشاعرة يمتد إلى باب النبوات فهم يرون أن الأنبياء
معصومون من الصغائر

وأنه من شرط صحة النبوة وجود المعجزة ويضبطون المعجزة بضوابط فيها نظر

 وقد نقد هذا كله شيخ الإسلام ابن
تيمية في كتابه الجليل ( النبوات )

وفي آخر شرح العقيدة الأصبهانية نقد أقوالهم في النبوات وللأسف وجدت الكثير
من الباحثين والدكاترة يقولون بقول الأشاعرة في هذه المسائل

وقد أتوا من البعد عن كتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم الذين نقضا بنيان
القوم وبينا ما في مذاهبهم من العوار

 وعقيدة الأشعرية قد عمت وطمت في
الأزمنة المتأخرة قد صار من يظهر خلاف عقيدة الأشعري يهدر دمه كما قال المقريزي في
الخطط

 لذا تجد الكثير من إدخالاتهم في
كتب التفسير وشروح الحديث والأصول لكونها العقيدة التي ينشأ عليها الصغير ويهرم فيها
الكبير

 ولا بد للمرء أن يحكم العقيدة
ويعرف إدخالاتهم لكي يسلم عند النظر في كتب الكثير من المتأخرين من أهل العلم فإن بعض
أقوالهم قد أصابت حتى من يرد عليهم.

وقال ابن حزم  ما ذكره الباقلاني من التحدي باطل من وجوه أحدها أن اشتراط التحدي في كون آية النبي آية، دعوى كاذبة سخيفة لا دليل على صحتها لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من إجماع ولا من قول صاحب ولا من حجة عقل ولا قال بهذا أحد قط قبل هذه الفرقة الضعيفة وما كان هكذا فهو في غاية السقوط والهجنة، قال الله عز وجل قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة: 111] “الفصل 5/ 7”.

وقد قام شيخ الإسلام ابن تيمية بتجلية الأمر كما ينبغي ففي باب الصفات
صنف المؤلفات الكثيرة في الرد عليهم كدرء التعارض وبيان تلبيس الجهمية ، والحموية والمراكشية
والأكملية والعرشية وجواب الاعتراضات على الحموية وغيرها كثير

 وفي باب الإيمان له الإيمان الأوسط
والإيمان الكبير، وفي باب القدر له التائية في القدر وقد شرحها الطوفي وعلى شرحه مآخذ

 وله فتاوى كثيرة في هذا الباب
وقد لخص مادته في الباب ابن القيم في شفاء العليل

وفي باب توحيد الألوهية ( الذي انحرف فيه كثير من المتأخرين من الأشاعرة
) له الرد على البكري والرد على الأخنائي والجواب الباهر والاقتضاء وقاعدة جليلة في
التوسل والوسيلة وغيرها

 وفي باب النبوات له كتاب النبوات،
وفي باب التصوف له كتاب الاستقامة والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

 وله في كل هذه فتاوى متفرقة ورسائل
أخرى فمن واظب على دراستها وأحكمها

 ثم نظر في كتب ابن القيم التي
هي بمثابة الشرح لكتب شيخه ، وقرأ قبل ذلك أو بعده كتب السلف المسندة في العقيدة تكون
عنده الترياق الشافي من كل سموم المتكلمين.

وبقي أن نعرف أن مصطلح معجزة عينه فيه نظر ولهذا البحث مقال آخر 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم