تأمَّل النقاش حول (المجسم) و(المجسمة)، وليس الكلام عن تكفير أو تبديع (علماء الإسلام) كما يصنع المنتسبون للسلفية إن تكلموا عن الأشاعرة.
ولم يختاروا اسماً من مشاهير (المجسمة) أو ممن اختُلف في نسبتهم للتجسيم، وإنما اختاروا الحديث العام.
هؤلاء أشاعرة يتناقشون في أهل السنة الذين يسمونهم مجسمة، غير أن النقاش ليس عن تكفيرهم كما يظن البعض، وإنما عن وجود إجماع ملزِم على كفرهم، وإلا فهم مقرُّون بالخلاف، وجميعهم يعظمون الكوثري الذي يكفِّر ابن تيمية وابن القيم.
ولكن لمَّا صار الأحباش يشنعون على من لا يكفِّر قام عليهم البقية، وإلا لو حكموا دون تشنيع مع مراعاة الخلاف لكان الخطب عندهم هيناً.
هذا يوعظ به من يعيش وهم الاجتماع، فهذان طيفان عظيمان من هذه الطائفة، ويوجد من هو أشد منهم، وما مؤتمر الشيشان عنا ببعيد.
يطيب لبعض السلفيين المعتدلين أن يكثروا من حرب (الغلو) المزعوم في السلفيين، غير أن معتدلي الأشعرية (كصاحب قناة السبيل) متخصصون في نقد الغلو السلفي أيضاً بدلاً من غلو إخوانهم!
هذا يذكِّرني بتلك الطرفة عن رجل سوري قال لصاحبه: ما الفرق بيننا وبين فرنسا؟
فقال له: في فرنسا يمكنك أن تنتقد الرئيس الفرنسي ولا يكلمك أحد.
فقال له: وكذلك نحن في سوريا يمكنك أن تنتقد الرئيس الفرنسي ولا يكلمك أحد!
وأما غير هذا فأقصى اعتدالهم أن ينفوا الإجماع على كفر المجسمة ويثبتوا الخلاف، ثم يثنون على المكفِّرين أمثال الكوثري.
وهذا سلوك قديم، فابن تومرت الذي اشتهر بتكفير مخالفيه أثنى عليه السبكي (مؤرخ الأشاعرة الأشهر) ثناءً عطراً.